فصل: تفسير الآية رقم (224)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الطبري المسمى بـ «جامع البيان في تأويل آي القرآن» ***


الجزء الرابع

تفسير الآية رقم ‏[‏224‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏}‏‏.‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ مَعْنَاهُ‏:‏ وَلَا تَجْعَلُوهُ عِلَّةً لِأَيْمَانِكُمْ، وَذَلِكَ إِذَا سُئِلَ أَحَدُكُمُ الشَّيْءَ مِنَ الْخَيْرِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ قَالَ‏:‏ “ عَلَى يَمِينِ بِاللَّهِ أَلَّا أَفْعَلَ ذَلِكَ “- أَوْ“ قَدْ حَلَفْتُ بِاللَّهِ أَلَّا أَفْعَلَهُ “، فَيَعْتَلُّ فِي تَرْكِهِ فِعْلَ الْخَيْرِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَلِفِ بِاللَّهِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْأَمْرِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ، ثُمَّ يَعْتَلُّ بِيَمِينِهِ، يَقُولُ اللَّهُ‏:‏ ‏{‏أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا‏}‏ هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْضِيَ عَلَى مَا لَا يَصْلُحُ، وَإِنْ حَلَفْتُ كَفَّرَتْ عَنْ يَمِينِكَ وَفَعَلْتَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَكَ‏.‏

حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُوِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ‏:‏ وَإِنْ حَلَفْتَ فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَافْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنِ السُّدِّيِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ أَلَّا يُكَلِّمَ قَرَابَتَهُ وَلَا يَتَصَدَّقَ، أَوْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِنْسَانٍ مُغَاضِبَةٌ فَيَحْلِفَ لَا يُصْلِحُ بَيْنَهُمَا وَيَقُولُ‏:‏ “ قَدْ حَلَفْتُ‏"‏‏.‏ قَالَ‏:‏ يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا‏}‏، يَقُولُ‏:‏ لَا تَعْتَلُّوا بِاللَّهِ، أَنْ يَقُولَ أَحَدُكُمْ إِنَّهُ تَأَلَّى أَلَّا يَصِلَ رَحِمًا، وَلَا يَسْعَى فِي صَلَاحٍ، وَلَا يَتَصَدَّقَ مِنْ مَالِهِ‏.‏ مَهْلًا مَهْلًا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمْ، فَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ إِنَّمَا جَاءَ بِتَرْكِ أَمْرِ الشَّيْطَانِ، فَلَا تُطِيعُوهُ، وَلَا تُنْفِذُوا لَهُ أَمْرًا فِي شَيْءٍ مِنْ نُذُرِوكُمْ وَلَا أَيْمَانِكُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ لَا يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَلَا يَبَرَّ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ، قَالَ‏:‏ “ قَدْ حَلَفْتُ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَأَلْتُ عَطَاءً عَنْ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْإِنْسَانُ يَحْلِفُ أَلَّا يَصْنَعُ الْخَيْرَ، الْأَمْرَ الْحَسَنَ، يَقُولُ‏:‏ “ حَلَفْتُ “‏!‏ قَالَ اللَّهُ‏:‏ افْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَلَا تَجْعَلِ اللَّهَ عُرْضَةً‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏}‏ الْآيَةَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يُحَرِّمُ مَا أَحِلُّ اللَّهُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَيَقُولُ‏:‏ “ قَدْ حَلَفْتُ‏!‏ فَلَا يَصْلُحُ إِلَّا أَنْ أَبَرَ يَمِينِي “، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يُكَفِّرُوا أَيْمَانِهِمْ وَيَأْتُوا الْحَلَالَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ‏}‏، أَمَّا “ عُرْضَةٌ “، فَيُعَرِّضُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الرَّجُلِ الْأَمْرُ، فَتَحْلِفُ بِاللَّهِ لَا تُكَلِّمُهُ وَلَا تَصِلُهُ‏.‏ وَأَمَّا “تَبَرُّوا “، فَالرَّجُلُ يَحْلِفُ لَا يَبَرُّ ذَا رَحِمِهِ فَيَقُولُ‏:‏ “ قَدْ حَلَفْتُ‏!‏ “، فَأَمَرَ اللَّهُ أَلَّا يُعَرِّضَ بِيَمِينِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذِي رَحِمِهِ، وَلِيَبَرَّهُ، وَلَا يُبَالِي بِيَمِينِهِ‏.‏ وَأَمَّا “ تُصْلِحُوا “، فَالرَّجُلُ يُصْلِحُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ فَيَعْصِيَانِهِ، فَيَحْلِفُ أَلَّا يُصْلِحَ بَيْنَهُمَا، فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَصْلُحَ وَلَا يُبَالِيَ بِيَمِينِهِ‏.‏ وَهَذَا قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْكَفَّارَاتُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُوِيدٌ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ يَحْلِفُ أَلَّا يَتَّقِيَ اللَّهَ، وَلَا يَصِلَ رَحِمَهُ، وَلَا يُصْلِحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَلَا يَمْنَعُهُ يَمِينُهُ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ وَلَا تَعْتَرِضُوا بِالْحَلِفِ بِاللَّهِ فِي كَلَامِكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَتَجْعَلُوا ذَلِكَ حُجَّةً لِأَنْفُسِكُمْ فِي تَرْكِ فِعْلِ الْخَيْرِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّىُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ لَا تَجْعَلُنِي عُرْضَةً لِيَمِينِكَ أَلَّا تَصْنَعَ الْخَيْرَ، وَلَكِنْ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَاصْنَعِ الْخَيْرَ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ‏}‏، كَانَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ مِنَ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى لَا يَفْعَلُهُ، فَنَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا‏}‏‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ أَلَّا يَبِرَّ قَرَابَتَهُ، وَلَا يَصِلَ رَحِمَهُ، وَلَا يُصْلِحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ‏.‏ يَقُولُ‏:‏ فَلْيَفْعَلْ، وَلِيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ‏}‏، قَالَ‏:‏ لَا تَحْلِفْ أَلَّا تَتَّقِيَ اللَّهَ، وَلَا تَحْلِفْ أَلَّا تَبَرَّ وَلَا تَعْمَلَ خَيْرًا، وَلَا تَحْلِفْ أَلَّا تُصَلِّ، وَلَا تَحْلِفْ أَلَّا تُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَا تَحْلِفُ أَنْ تَقْتُلَ وَتَقْطَعَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ دَاوُدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً‏}‏ الْآيَةَ، قَالَا هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ أَلَّا يَبَرَّ، وَلَا يَتَّقِيَ، وَلَا يُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ‏.‏ وَأُمِرَ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ، وَيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ، وَيُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏}‏، فَأُمِرُوا بِالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ‏.‏ فَإِنَّ حِلَفَ حَالِفٌ أَلَّا يَفْعَلَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْهُ، وَلْيَدَعْ يَمِينَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرَّبِيعِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏}‏ الْآيَةَ، قَالَ‏:‏ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ أَلَّا يَبَرَّ، وَلَا يَصِلَ رَحِمَهُ، وَلَا يُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ‏.‏ فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَدَعَ يَمِينَهُ، وَيَصِلَ رَحِمَهُ، وَيَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَة في قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ‏}‏، قَالَتْ‏:‏ لَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ وَإِنْ بَرَرْتُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ‏:‏ حُدِّثَتْ أَنَّ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏}‏، الْآيَةَ، نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ، فِي شَأْنِ مِسْطَحٍ‏.‏

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏}‏ الْآيَةَ، قَالَ‏:‏ يَحْلِفُ الرَّجُلُ أَلَّا يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَا يَصِلَ رَحِمَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا سُوِيدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ هُشَيْمٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ يَحْلِفُ أَلَّا يَتَّقِي اللَّهَ، وَلَا يَصِلَ رَحِمَهُ، وَلَا يُصْلِحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ‏.‏ فَلَا يَمْنَعُهُ يَمِينُهُ‏.‏

حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبَى سَلَمَةَ عَنْ سَعِيدٍِ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ ـ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلَ أَلَّا يَصْنَعَ خَيْرًا، وَلَا يَصِلَ رَحِمَهُ، وَلَا يُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ‏.‏ نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالْآيَةِ، تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ‏:‏ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ “ لَا تَجْعَلُوا الْحَلِفَ بِاللَّهِ حُجَّةً لَكُمْ فِي تَرْكِ فِعْلِ الْخَيْرِ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ النَّاسِ‏"‏‏.‏

وَذَلِكَ أَنَّ “ الْعُرْضَةَ “، فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، الْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ‏.‏ يُقَالُ مِنْهُ‏:‏ “ هَذَا الْأَمْرُ عُرْضَةٌ لَكَ “ يَعْنِي بِذَلِكَ‏:‏ قُوَّةٌ لَكَ عَلَى أَسْبَابِكَ، وَيُقَالُ‏:‏ “ فُلَانَةٌ عُرْضَةٌ لِلنِّكَاحِ “، أَيْ قُوَّةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ فِي صِفَةِ نُوقٍ‏:‏

مِنْ كُلِّ نَضَّاحَةِ الذِّفْرَى إِذَا عَرِقَتْ *** عُرْضَتُهَا طَامِسُ الْأَعْلَامِ مَجْهُولُ

يَعْنِي بِـ “ عُرَضِتِهَا “‏:‏ قُوَّتَهَا وَشِدَّتَهَا‏.‏

فَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ ـ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏}‏ إذًا‏:‏ لَا تَجْعَلُوا اللَّهَ قُوَّةً لِأَيْمَانِكُمْ فِي أَلَّا تَبَرُّوا وَلَا تَتَّقُوا وَلَا تُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ‏.‏ وَلَكِنْ إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ فَرَأَى الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الْبِرِّ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، فَلْيَحْنَثْ فِي يَمِينِهِ، وَلِيَبَرَّ، وَلْيَتَّقِ اللَّهَ، وَلِيُصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ، وَلِيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ‏.‏

وَتَرْكُ ذِكْرِ “ لَا “ مِنَ الْكَلَامِ، لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا، وَاكْتِفَاءً بِمَا ذُكِرَ عَمَّا تُرِكَ، كَمَا قَالَ امُرُؤُ الْقَيْسِ‏:‏

فَقُلْتُ يَمِينَ اللَّهِ أَبْرَحُ قَاعِدًا *** وَلَوْ قَطَّعُوا رَأْسِي لَدَيْكَ وَأَوْصَالِي

بِمَعْنَى‏:‏ فَقُلْتُ‏:‏ يَمِينُ اللَّهِ لَا أَبْرَحُ، فَحَذَفَ “ لَا “، اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَنْ تَبَرُّوا‏}‏، فَإِنَّهُ اخْتَلَفَ فِي تَأْوِيلِ “ الْبِرِّ “ الَّذِي عَنَاهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ـ‏.‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هُوَ فِعْلُ الْخَيْرِ كُلِّهِ‏.‏ وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ هُوَ الْبَرُّ بِذِي رَحِمَهُ، وَقَدْ ذَكَرْتُ قَائِلِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى‏.‏

وَأَوْلَى ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ “ عُنِيَ بِهِ فِعْلِ الْخَيْرِ كُلِّهِ‏"‏‏.‏ وَذَلِكَ أَنَّ أَفْعَالَ الْخَيْرِ كُلَّهَا مِنْ “ الْبِرِّ “، وَلَمْ يُخَصِّصِ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَنْ تَبَرُّوا‏}‏ مَعْنًى دُونَ مَعْنًى مِنْ مَعَانِي “ الْبِرِّ “، فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ، وَالْبِرِّ بِذَوِي الْقَرَابَةِ أَحَدُ مَعَانِي “ الْبِرِّ‏"‏‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ‏:‏ “ وَتَتَّقُوا “، فَإِنَّ مَعْنَاهُ‏:‏ أَنْ تَتَّقُوا رَبَّكُمْ فَتُحَذِّرُوهُ وَتَحْذَرُوا عِقَابَهُ فِي فَرَائِضِهِ وَحُدُودِهِ أَنْ تُضَيِّعُوهَا أَوْ تَتَعَدَّوْهَا‏.‏ وَقَدْ ذَكَرْنَا تَأْوِيلَ مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ أَنَّهُ بِمَعْنَى “ التَّقْوَى “ قَبْلُ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ فِي تَأْوِيلِهِ بِمَا‏:‏ حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا‏}‏ قَالَ‏:‏ كَانَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ مِنَ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى لَا يَفْعَلُهُ، فَنَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ‏}‏ الْآيَةَ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَيُقَالُ‏:‏ لَا يَتَّقِ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِي، تَحْلِفُونَ بِي وَأَنْتُمْ كَاذِبُونَ لِيُصَدِّقَكُمُ النَّاسُ، وَتُصْلِحُونَ بَيْنَهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا‏}‏، الْآيَةَ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ‏}‏، فَهُوَ الْإِصْلَاحُ بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ فِيمَا لَا مَأْثَمَ فِيهِ، وَفِيمَا يُحِبُّهُ اللَّهُ دُونَ مَا يَكْرَهُهُ‏.‏

وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرْنَا عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ قَبْلَ نُزُولِ كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ، فَقَوْلٌ لَا دَلَالَةَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ‏.‏ وَالْخَبَرُ عَمَّا كَانَ، لَا تُدْرَكُ صِحَّتُهُ إِلَّا بِخَبَرٍ صَادِقٍ، وَإِلَّا كَانَ دَعْوَى لَا يَتَعَذَّرُ مِثْلُهَا وَخِلَافُهَا عَلَى أَحَدٍ‏.‏

وَغَيْرُ مُحَالٍ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ بَيَانِ كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ فِي “ سُورِهِ الْمَائِدَةِ “، وَاكْتَفَى بِذِكْرِهَا هُنَاكَ عَنْ إِعَادَتِهَا هَا هُنَا، إِذْ كَانَ الْمُخَاطِبُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ قَدْ عَلِمُوا الْوَاجِبَ مِنَ الْكَفَّارَاتِ فِي الْأَيْمَانِ الَّتِي يَحْنَثُ فِيهَا الْحَالِفُ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏224‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ سَمِيعٌ‏}‏ لِمَا يَقُولُهُ الْحَالِفُ مِنْكُمْ بِاللَّهِ إِذَا حَلَفَ فَقَالَ‏:‏ “ وَاللَّهِ لَا أَبَرُّ وَلَا أَتَّقِي وَلَا أُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ “، وَلِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قَيْلِكُمْ وَأَيْمَانِكُمْ “ عَلِيمٌ“ بِمَا تَقْصِدُونَ وَتَبْتَغُونَ بِحِلْفِكُمْ ذَلِكَ، أَلِخَيْرٍ تُرِيدُونَ أَمْ غَيْرِهِ‏؟‏ لِأَنِّي عَلَّامُ الْغُيُوبِ وَمَا تُضْمِرُهُ الصُّدُورُ، لَا تَخْفَى عَلَيَّ خَافِيَةٌ، وَلَا يَنْكَتِمُ عَنِّي أَمْرُ عَلَنٍ فَظَهَرَ، أَوْ خَفِيَ فَبَطَنَ‏.‏

وَهَذَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ تَهَدُّدٌ وَوَعِيدٌ‏.‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ـ‏:‏ وَاتَّقَوْنِ أَيُّهَا النَّاسُ أَنْ تُظْهِرُوا بِأَلْسِنَتِكُمْ مِنَ الْقَوْلِ، أَوْ بِأَبْدَانِكُمْ مِنَ الْفِعْلِ، مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ- أَوْ تُضْمِرُوا فِي أَنْفُسِكُمْ وَتَعْزِمُوا بِقُلُوبِكُمْ مِنَ الْإِرَادَاتِ وَالنِّيَّاتِ بِفِعْلِ مَا زَجَرَتْكُمْ عَنْهُ، فَتَسْتَحِقُّوا بِذَلِكَ مِنِّي الْعُقُوبَةَ الَّتِي قَدْ عَرَّفَتْكُمُوهَا، فَإِنِّي مُطَّلِعٌ عَلَى جَمِيعِ مَا تُعْلِنُونَهُ أَوْ تُسِرُّونَهُ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏225‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، وَفِي مَعْنَى “ اللَّغْوِ‏"‏‏.‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي مَعْنَاهُ‏:‏ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِمَا سَبَقَتْكُمْ بِهِ أَلْسِنَتُكُمْ مِنَ الْأَيْمَانِ عَلَى عَجَلَةٍ وَسُرْعَةٍ، فَيُوجِبُ عَلَيْكُمْ بِهِ كَفَّارَةً إِذَا لَمْ تَقْصِدُوا الْحِلْفَ وَالْيَمِينَ‏.‏ وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ‏:‏ “ فَعَلْتُ هَذَا وَاللَّهِ، أَوْ‏:‏ أَفْعَلُهُ وَاللَّهِ، أَوْ‏:‏ لَا أَفْعَلُهُ وَاللَّهِ “، عَلَى سُبُوقِ الْمُتَكَلِّمِ بِذَلِكَ لِسَانُهُ، بِمَا وَصَلَ بِهِ كَلَامَهُ مِنَ الْيَمِينِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنُ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هِيَ “ بَلَى وَاللَّهِ “، وَ“ لَا وَاللَّهِ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَة في قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَتْ‏:‏ “ لَا وَاللَّهِ “، وَ“ بَلَى وَاللَّهِ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَة نحْوَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ عَائِشَة عنْ لَغْوِ الْيَمِينِ، قَالَتْ‏:‏ هُوَ “ لَا وَاللَّهِ “ وَ“ بَلَى وَاللَّهِ “، مَا يَتَرَاجَعُ بِهِ النَّاسُ‏.‏

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَعَبْدَةُ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة في قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَتْ‏:‏ “ لَا وَاللَّهِ “ وَ“ بَلَى وَاللَّهِ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَتْ‏:‏ “ لَا وَاللَّهِ “ وَ“ بَلَى وَاللَّهِ “، يَصِلُ بِهَا كَلَامَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَكَّامُ بْنُ سِلْمٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ دَخَلْتُ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَة فَقَالَ لَهَا‏:‏ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏‏؟‏ قَالَتْ‏:‏ هُوَ “ لَا وَاللَّهِ “، وَ“ بَلَى وَاللَّهِ “، لَيْسَ مِمَّا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ أَتَيْتُ عَائِشَة معَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، فَسَأَلَهَا عُبَيْدٌ عَنْ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، فَقَالَتْ عَائِشَة‏:‏ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ‏:‏ “ لَا وَاللَّهِ “ وَ“ بَلَى وَاللَّهِ “، مَا لَمْ يُعَقِّدْ عَلَيْهِ قَلْبَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ انْطَلَقْتُ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَى عَائِشَة وهِيَ مُجَاوِرَةٌ فِي ثَبِيرٍ، فَسَأَلَهَا عُبَيْدٌ عَنْ لَغْوِ الْيَمِينِ، قَالَتْ‏:‏ “ لَا وَاللَّهِ “ وَ“ بَلَى وَاللَّهِ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشَيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِرْمَانِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ عَنْ عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ قَالَتْ عَائِشَة‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ‏:‏ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ‏:‏ ‏(‏كَلَّا وَاللَّهِ‏)‏ و‏(‏بَلَى وَاللَّه‏)‏‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَة في قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَتْ‏:‏ هُمُ الْقَوْمُ يَتَدَارَءُونَ فِي الْأَمْرِ، فَيَقُولُ هَذَا‏:‏ “ لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ، وَكَلَّا وَاللَّهِ “، يَتَدَارَءُونَ فِي الْأَمْرِ، لَا تُعْقَدُ عَلَيْهِ قُلُوبُهُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ قَوْلُ الرَّجُلِ‏:‏ “ لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ “، يَصِلُ بِهِ كَلَامَهُ، لَيْسَ فِيهِ كَفَّارَةٌ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَقُولُ‏:‏ ‏(‏لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ‏)‏، يَصِلُ حَدِيثَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ سَأَلْتُ عَامِرًا عَنْ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ “ لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ وَكِيعٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ قَالَ قَالَ أَبُو قَلَابَةَ فِي‏:‏ ‏(‏لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ‏)‏، أَرْجُو أَنْ يَكُونَ لُغَةً وَقَالَ يَعْقُوبُ فِي حَدِيثِهِ‏:‏ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ لَغْوًا وَقَالَ ابْنُ وَكِيعٍ فِي حَدِيثِهِ‏:‏ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ لُغَةً، وَلَمْ يَشُكَّ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَابْنُ وَكِيعٍ وَهَنَّادٌ قَالُوا، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ‏:‏ لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عَائِشَة تقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَتْ‏:‏ “ لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ عَطَاءٍ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ قَوْلُ النَّاسِ‏:‏ “ لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ قَالَا “ لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ دَخَلْتُ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَة فسَأَلَهَا، فَقَالَتْ‏:‏ “ لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَشْعَثُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَة‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏ قَالَتْ‏:‏ “ لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهٍِ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي وَجَرِيرٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَة قالَتْ‏:‏ “ لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ وَهَنَّادٌ قَالَا حَدَّثَنَا يَعْلَى عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ قَالَتْ عَائِشَة في قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَتْ‏:‏ هُوَ قَوْلُكَ‏:‏ “ لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ “، لَيْسَ لَهَا عَقْدُ الْأَيْمَانِ‏.‏

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ‏:‏ اللَّغْوُ قَوْلُ الرَّجُلِ‏:‏ “ لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ “، يَصِلُ بِهِ كَلَامَهُ، مَا لَمْ يَشُكْ شَيْئًا يَعْقِدُ عَلَيْهِ قَلْبَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي هِلَالٍ حَدَّثَهُ‏:‏ أَنَّهُ سَمِعَ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ يَقُولُ‏:‏ سَمِعْتُ عَائِشَة تقُولُ‏:‏ لَغْوُ الْيَمِينِ قَوْلُ الرَّجُلِ‏:‏ “ لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ“، فِيمَا لَمْ يُعَقِّدْ عَلَيْهِ قَلْبَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ قَالَ عَمْرٌو وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ النَّوْفَلِيُّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَة بذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ الرَّجُلَانِ يَتَبَايَعَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا‏:‏ “ وَاللَّهِ لَا أَبِيعُكَ بِكَذَا وَكَذَا “، وَيَقُولُ الْآخَرُ‏:‏ “ وَاللَّهِ لَا أَشْتَرِيهِ بِكَذَا وَكَذَا “، فَهَذَا اللَّغْوُ، لَا يُؤَاخِذُ بِهِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلِاللَّغْوُ فِي الْيَمِينِ الْيَمِينُ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا الْحَالِفُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَمَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ بِخِلَافِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي ابْنُ نَافِعٍِ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ‏:‏ لَغْوُ الْيَمِينِ، حَلِفُ الْإِنْسَانِ عَلَى الشَّيْءِ يَظُنُّ أَنَّهُ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ غَيَّرَ ذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، وَاللَّغْوِ‏:‏ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى الشَّيْءِ يَرَاهُ حَقًا، وَلَيْسَ بِحَقٍّ‏.‏

حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، هَذَا فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ عَلَى أَمْرِ إِضْرَارٍ أَنْ يَفْعَلَهُ فَلَا يَفْعَلُهُ، فَيَرَى الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، فَأَمْرَهُ اللَّهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ وَيَأْتِيَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ‏.‏ وَمِنَ اللَّغْوِ أَيْضًا أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى أَمْرٍ لَا يَأْلُو فِيهِ الصِّدْقَ، وَقَدْ أَخْطَأَ فِي يَمِينِهِ، فَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ وَابْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ خَطَأٌ غَيْرُ عَمْدٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ عَوْفٍ عَنِ الْحَسَنِفِي هَذِهِ الْآيَةِ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ أَنْ تَحْلِفَ عَلَى الشَّيْءِ، وَأَنْتَ يُخَيَّلُ إِلَيْكَ أَنَّهُ كَمَا حَلَفْتَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ‏.‏ فَلَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ وَلَا كَفَّارَةَ، وَلَكِنَّ الْمُؤَاخَذَةَ وَالْكَفَّارَةَ فِيمَا حُلِفَ عَلَيْهِ عَلَى عِلْمٍ‏.‏

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ وَابْنُ وَكِيعٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُلْهَمْ عَنِ الْحَسَنِقَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْيَمِينِ، لَا يَرَى إِلَّا أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ‏.‏

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الْحَسَنِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْيَمِينِ يَرَى أَنَّهَا كَذَلِكَ، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدَةَ عَنْ سَعِيدٍِ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِفِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيءِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ، فَلَا يَكُونُ كَمَا قَالَ‏:‏ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ‏.‏

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَابْنُ وَكِيعٍ قَالُوا، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَ نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ لَا يَرَى إِلَّا أَنَّهَا كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ مَنْ حَلَّفَ بِاللَّهِ وَلَا يَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ صَادِقٌ فِيمَا حَلَفَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، حَلِفُ الرَّجُلِ عَلَى الشَّيْءِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَلَا يَكُونُ كَمَا حَلَفَ، كَقَوْلِهِ‏:‏ “ إِنَّ هَذَا الْبَيْتَ لِفُلَانٍ “، وَلَيْسَ لَهُ وَ“ إِنَّ هَذَا الثَّوْبَ لِفُلَانٍ “، وَلَيْسَ لَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ يَرَى أَنَّهُ فِيهِ صَادِقٌ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْأَمْرِ يَرَى أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَلَا يُؤَاخِذُكُمْ بِذَلِكَ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُكَفِّرَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْجَعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ‏:‏ قَالَ إِبْرَاهِيمُ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الشَّيْءِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ صَادَقَ وَهُوَ كَاذِبٌ، فَذَلِكَ اللَّغْوُ، لَا يُؤَاخَذُ بِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَكَّامٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ‏:‏ إِنْ حَلَفْتَ عَلَى الشَّيْءِ، وَأَنْتَ تَرَى أَنَّكَ صَادِقٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ أَبِي مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ اللَّغْوُ، الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْأَيْمَانِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ‏.‏

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ ‏[‏إِبْرَاهِيمَ بْنِ‏]‏ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ زِيَادٍ قَالَ‏:‏ هُوَ الَّذِي يَحْلِفُ عَلَى الْيَمِينِ يَرَى أَنَّهُ فِيهَا صَادِقٌ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بِكِيرُ بْنُ أَبِي السَّمِيطِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الْخَطَأُ غَيْرُ الْعَمْدِ، الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مَنْصُورٍ وَيُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ‏:‏ اللَّغْوُ، الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ وَابْنُ وَكِيعٍ قَالَ هَنَّادٌ‏:‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَقَالَ ابْنُ وَكِيعٍ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عِمْرَانَ بْنَ حُدَيْرٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْيَمِينِ لَا يَرَى إِلَّا أَنَّهَا كَمَا حَلَفَ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ‏:‏ سُئِلَ عَامِرٌ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏ قَالَ‏:‏ اللَّغْوُ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ لَا يَأْلُو عَنِ الْحَقِّ، فَيَكُونَ غَيْرَ ذَلِكَ‏.‏ فَذَلِكَ اللَّغْوُ الَّذِي لَا يُؤَاخِذُ بِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، فَاللَّغْوُ الْيَمِينُ الْخَطَأُ غَيْرُ الْعَمْدِ، أَنْ تَحْلِفَ عَلَى الشَّيْءِ وَأَنْتَ تَرَى أَنَّهُ كَمَا حَلَفْتَ عَلَيْهِ، ثُمَّ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ‏.‏ فَهَذَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَا مَأْثَمَ فِيهِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُوسَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، أَمَّا اللَّغْوُ‏:‏ فَالرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْيَمِينِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهَا كَذَلِكَ، فَلَا تَكُونُ كَذَلِكَ‏.‏ فَلَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرَّبِيعِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ اللَّغْوُ الْيَمِينُ الْخَطَأُ فِي غَيْرِ عَمْدٍ‏:‏ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الشَّيْءِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ‏.‏ وَهَذَا مَا لَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ‏:‏ أَمَّا الْيَمِينُ الَّتِي لَا يُؤَاخِذُ بِهَا صَاحِبُهَا، فَالرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْيَمِينِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ فِيهَا صَادِقٌ، فَذَلِكَ اللَّغْوُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ أَبِي مَالِكٍ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ‏:‏ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْأَمْرِ يَرَى أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ‏.‏ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَةٌ، وَهُوَ اللَّغْوُ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعَنِ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ- كَذَ قَالَ ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ- قَالَا مَنْ قَالَ‏:‏ “ وَاللَّهِ لَقَدْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا “ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ قَدْ فَعَلَهُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ، فَهَذَا لَغْوُ الْيَمِينِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْحَسَنِفِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الْخَطَأُ غَيْرُ الْعَمْدِ، كَقَوْلِ الرَّجُلِ‏:‏ “ وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لِكَذَا وَكَذَا “، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ صَادِقٌ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ قَالَ مَعْمَرٌ‏:‏ وَقَالَهُ قَتَادَةُ أَيْضًا‏.‏

حَدَّثَنِي ابْنُ الْبَرْقِيِّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ‏:‏ سُئِلَ سَعِيدٌ عَنِ اللَّغْوِ فِي الْيَمِينِ، قَالَ سَعِيدٌ وَقَالَ مَكْحُولُ‏:‏ الْخَطَأُ غَيْرُ الْعَمْدِ، وَلَكِنَّ الْكَفَّارَةَ فِيمَا عَقَدَتْ قُلُوبُكُمْ‏.‏

حَدَّثَنِي ابْنُ الْبَرْقِيِّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ اللَّغْوُ الَّذِي لَا يُؤَاخِذُ اللَّهُ بِهِ، أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي يَظُنُّ أَنَّهُ فِيهِ صَادِقٌ، فَإِذَا هُوَ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَةٌ، وَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ إِذَا حَلَفَ عَلَى الْيَمِينِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ فِيهِ صَادِقٌ، وَهُوَ كَاذِبٌ، فَلَا يُؤَاخِذُ بِهِ، وَإِذَا حَلَفَ عَلَى الْيَمِينِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ، فَذَاكَ الَّذِي يُؤَاخِذُ بِهِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلِ اللَّغْوُ مِنَ الْأَيْمَانِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا صَاحِبُهَا فِي حَالِ الْغَضَبِ عَلَى غَيْرِ عَقْدِ قَلْبٍ وَلَا عَزْمٍ، وَلَكِنْ وُصْلَةً لِلْكَلَامِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ وَسِيمٍ ‏[‏عَنْ طَاوُسٍ‏]‏ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ لَغْوُ الْيَمِينِ أَنْ تَحْلِفَ وَأَنْتَ غَضْبَانُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ‏:‏ كُلُّ يَمِينِ حِلْفٍ عَلَيْهَا رَجُلٌ وَهُوَ غَضْبَانُ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِيهَا، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏‏.‏

وَعِلَّةُ مِنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، مَا‏:‏-

حَدَّثَنِي بِهِ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الزُّهْرِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ‏:‏ ‏(‏لَا يَمِينَ فِي غَضَب‏)‏‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلِ اللَّغْوُ فِي الْيَمِينِ‏:‏ الْحَلِفُ عَلَى فِعْلِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، وَتَرْكِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِفِعْلِهِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غَيَّاثٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ هُوَ الَّذِي يَحْلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَلَا يَفِي وَيُكَفِّرُ يَمِينَهُ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ لَغْوُ الْيَمِينِ‏:‏ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لِلَّهِ، لَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِإِلْغَائِهَا‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَثْنَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ دَاوُدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِنَحْوِهِ وَزَادَ فِيهِ، قَالَ‏:‏ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَثْنَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ دَاوُدَ عَنْ سَعِيدٍِ بِنَحْوِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَلَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ، وَيَأْتِيَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَلَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِتَرْكِهَا‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَاحِ الْبَزَّارُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عِيسَى ابْنِ بِنْتِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ أُمِّ أَبِيهِ‏:‏ أَنَّهَا حَلَفْتُ أَلَّا تُكَلِّمَ ابْنَةُ ابْنِهَا- ابْنَةَ أَبِي الْجَهْمِ- فَأَتَتْ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالُوا‏:‏ لَا يَمِينَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَلَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِتَرْكِهَا إِنَّ تَرَكَهَا‏.‏ قُلْتُ‏:‏ فَكَيْفَ يَصْنَعُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَتْرُكُ الْمَعْصِيَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْحَرَامِ، فَلَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِتَرْكِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا دَاوُدُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ فِي لَغْوِ الْيَمِينِ قَالَ‏:‏ هِيَ الْيَمِينُ فِي الْمَعْصِيَةِ، قَالَ‏:‏ أَوَ لَا تَقْرَأُ فَتَفْهَمُ‏؟‏ قَالَ اللَّهُ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ‏}‏ ‏[‏سُورَةَ الْمَائِدَةِ‏:‏ 89‏]‏، قَالَ‏:‏ فَلَا يُؤَاخِذُهُ بِالْإِلْغَاءِ، وَلَكِنْ يُؤَاخِذُهُ بِالتَّمَامِ عَلَيْهَا‏.‏ قَالَ‏:‏ وَقَالَ‏:‏ ‏{‏لَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏}‏ إِلَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُوِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَلَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِتَرْكِهَا، وَيُكَفِّرُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَثْنَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَقَالَ‏:‏ أَيُكَفِّرُ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ‏؟‏ لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ‏.‏

حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَ ذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَثْنَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، قَالَ‏:‏ كَفَّارَتُهَا أَنْ يَتُوبَ مِنْهَا‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ‏:‏ يَتْرُكُ الْمَعْصِيَةَ وَلَا يُكَفِّرُ، وَلَوْ أَمَرْتُهُ بِالْكَفَّارَةِ لَأَمَرْتُهُ أَنْ يُتِمَّ عَلَى قَوْلِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ دَاوُدَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مَجَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ‏:‏ كُلُّ يَمِينٍ لَا يُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفِيَ بِهَا، فَلَيْسَ فِيهَا كَفَّارَةٌ‏.‏

وَعِلَّةُ مِنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنَ الْأَثَرِ، مَا‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏(‏مَنْ نَذَرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ فَلَا نَذْرَ لَهُ، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ لِلَّهِ فَلَا يَمِينَ لَهُ، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى قَطِيعَةِ رَحِمٍ فَلَا يَمِينَ لَه‏)‏‏.‏

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَرَةَ عَنْ عَائِشَة قالَتْ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ‏:‏ ‏(‏مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ لِلَّهِ، فَبِرُّهُ أَنْ يَحْنَثَ بِهَا وَيَرْجِعَ عَنْ يَمِينِه‏)‏‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ اللَّغْوُ مِنَ الْأَيْمَانِ‏:‏ كُلُّ يَمِينٍ وَصَلَ الرَّجُلُ بِهَا كَلَامَهُ، عَلَى غَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ إِيجَابَهَا عَلَى نَفْسِهِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ لَغْوُ الْيَمِينِ، أَنْ يَصِلَ الرَّجُلَ كَلَامَهُ بِالْحِلْفِ‏:‏ “ وَاللَّهِ لَيَأْكُلَّنَّ، وَاللَّهِ لَيَشْرَبَنَّ “ وَنَحْوُ هَذَا، لَا يُتَعَمَّدُ بِهِ الْيَمِينُ، وَلَا يُرِيدُ بِهِ حَلِفًا‏.‏ لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ‏:‏ لَغْوُ الْيَمِينِ، مَا يَصِلُ بِهِ كَلَامَهُ‏:‏ “ وَاللَّهِ لَتَأْكُلَّنَّ، وَاللَّهِ لَتَشْرَبَنَّ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُمَا الرَّجُلَانِ يَتَسَاوَمَانِ بِالشَّيْءِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا‏:‏ “ وَاللَّهِ لَا أَشْتَرِيهِ مِنْكَ بِكَذَا “، وَيَقُولُ الْآخَرُ‏:‏ “ وَاللَّهِ لَا أَبِيعُكَ بِكَذَا وَكَذَ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ‏:‏ أَنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ‏:‏ أَنَّ عَائِشَة زوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ‏:‏ أَيْمَانُ اللَّغْوِ، مَا كَانَ فِي الْهَزْلِ وَالْمِرَاءِ وَالْخُصُومَةِ، وَالْحَدِيثِ الَّذِي لَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ‏.‏

وَعِلَّةُ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنَ الْأَثَرِ، مَا‏:‏-

حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشَيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْمُرَادِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ‏:‏ ‏(‏مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْمٍ يَنْتَضِلُونَ- يَعْنِي‏:‏ يَرْمُونَ- وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَرَمَى رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقَالَ‏:‏ أَصَبْتَ وَاللَّهِ، وَأَخْطَأْتُ‏!‏ فَقَالَ الَّذِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ‏:‏ حَنِثَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ كَلَّا، أَيْمَانُ الرُّمَاةِ لَغْوٌ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَلَا عُقُوبَة‏)‏‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ اللَّغْوُ مِنَ الْأَيْمَانِ، مَا كَانَ مِنْ يَمِينٍ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ مِنَ الْحَالِفِ عَلَى نَفْسِهِ‏:‏ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا، أَوْ بِمَعْنَى الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ‏:‏ “ أَعْمَى اللَّهُ بَصَرِي إِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا- أَخْرَجَنِي اللَّهُ مِنْ مَالِي إِنْ لَمْ آتِكَ غَدًا “، فَهُوَ هَذَا، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ لَهُ مَالًا وَلَا وَلَدًا‏.‏ يَقُولُ‏:‏ لَوْ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِهَذَا لَمْ يَتْرُكْ لَكُمْ شَيْئًا‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِمَثَلِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ كَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، مِثْلَ قَوْلِ الرَّجُلِ‏:‏ “ هُوَ كَافِرٌ، وَهُوَ مُشْرِكٌ‏"‏‏.‏ قَالَ‏:‏ لَا يُؤَاخِذُهُ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ قَلْبِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ اللَّغْوُ فِي هَذَا‏:‏ الْحَلِفُ بِاللَّهِ مَا كَانَ بِالْأَلْسُنِ، فَجَعَلَهُ لَغْوًا، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ‏:‏ “ هُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ، وَهُوَ إذًا يُشْرِكُ بِاللَّهِ، وَهُوَ يَدْعُو مَعَ اللَّهِ إِلَهًا “، فَهَذَا اللَّغْوُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِي “ سُورَةِ الْبَقَرَةِ‏"‏‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ اللَّغْوُ فِي الْأَيْمَانِ‏:‏ مَا كَانَتْ فِيهِ كَفَّارَةٌ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، فَهَذَا فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ عَلَى أَمْرِ إِضْرَارِ أَنْ يَفْعَلَهُ فَلَا يَفْعَلُهُ، فَيَرَى الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، فَأَمْرَهُ اللَّهُ أَنْ يُكَفِّرَ يَمِينَهُ، وَيَأْتِيَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ‏.‏

حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْيَمِينُ الْمُكَفِّرَةُ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ اللَّغْوُ مِنَ الْأَيْمَانِ‏:‏ هُوَ مَا حَنِثَ فِيهِ الْحَالِفُ نَاسِيًا‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ ثُمَّ يَنْسَاهُ، يَعْنِي فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَ“ اللَّغْوُ “ مِنَ الْكَلَامِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، كُلُّ كَلَامٍ كَانَ مَذْمُومًا وَسَقْطًا لَا مَعْنَى لَهُ مَهْجُورًا، يُقَالُ مِنْهُ‏:‏ “ لَغَا فُلَانٌ فِي كَلَامِهِ يَلْغُو لَغْوًا “ إِذَا قَالَ قَبِيحًا مِنَ الْكَلَامِ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ ـ‏:‏ ‏{‏وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْ رَضُوا عَنْهُ‏}‏ ‏[‏سُورَةَ الْقَصَصِ‏:‏ 55‏]‏، وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا‏}‏ ‏[‏سُورَةَ الْفُرْقَانِ‏:‏ 72‏]‏‏.‏ وَمَسْمُوعٌ مِنَ الْعَرَبِ‏:‏ “ لَغَيْتُ بَاسِمِ فُلَانٍ “، بِمَعْنَى أَوْلَعْتُ بِذِكْرِهِ بِالْقَبِيحِ‏.‏ فَمَنْ قَالَ‏:‏ “ لَغَيْتُ “، قَالَ‏:‏ “ أَلْغَى لَغًا “، وَهِيَ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ‏:‏

وَرُبَّ أَسْرَابٍ حَجِيجٍ كُظَّمِ *** عَنِ اللَّغَا وَرَفَثِ التَّكَلُّمِ

فَإِذَا كَانَ “ اللَّغْوُ “ مَا وَصَفْتُ، وَكَانَ الْحَالِفُ بِاللَّهِ‏:‏ “ مَا فَعَلْتُ كَذَا “ وَقَدْ فَعَلَ “ وَلَقَدْ فَعَلْتُ كَذَا “ وَمَا فَعَلَ- وَاصِلًا بِذَلِكَ كَلَامَهُ عَلَى سَبِيلِ سُبُوقِ لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدِ إِثْمٍ فِي يَمِينِهِ، وَلَكِنْ لِعَادَةٍ قَدْ جَرَتْ لَهُ عِنْدَ عَجَلَةِ الْكَلَامِ وَالْقَائِلُ‏:‏ “ وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَفُلَانٌ “ وَهُوَ يَرَاهُ كَمَا قَالَ‏:‏ أَوْ‏:‏ “ وَاللَّهِ مَا هَذَا فُلَانٌ‏!‏ “ وَهُوَ يَرَاهُ لَيْسَ بِهِ وَالْقَائِلُ‏:‏ “ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا وَاللَّهِ- أَوْ‏:‏ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَاللَّهِ “ عَلَى سَبِيلِ مَا وَصَفْنَا مِنْ عَجَلَةِ الْكَلَامِ وَسُبُوقِ اللِّسَانِ لِلْعَادَةِ، عَلَى غَيْرِ تَعَمُّدِ حَلِفٍ عَلَى بَاطِلٍ وَالْقَائِلُ‏:‏ “ هُوَ مُشْرِكٌ، أَوْ هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ، إِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا- أَوْ إِنَّ فِعْلَ كَذَا “ مِنْ غَيْرِ عَزْمٍ عَلَى كُفْرٍ أَوْ يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ، جَمِيعُهُمْ قَائِلُونَ هَجْرًا مِنَ الْقَوْلِ وَذَمِيمًا مِنَ الْمَنْطِقِ، وَحَالِفُونَ مِنَ الْأَيْمَانِ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَمْ تَتَعَمَّدْ فِيهِ الْإِثْمَ قُلُوبُهُمْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُمْ لُغَاةٌ فِي أَيْمَانِهِمْ، لَا تَلْزَمُهُمْ كَفَّارَةٌ فِي الْعَاجِلِ، وَلَا عُقُوبَةَ فِي الْآجِلِ، لِإِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُؤَاخَذٍ عِبَادَهُ، بِمَا لَغَوْا مِنْ أَيْمَانِهِمْ، وَأَنَّ الَّذِي هُوَ مُؤَاخِذُهُمْ بِهِ، مَا تَعَمَّدَتْ فِيهِ الْإِثْمَ قُلُوبُهُمْ‏.‏

وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَكَانَ صَحِيحًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏(‏مَنْ حَلِفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيَكْفُرْ عَنْ يَمِينِه‏)‏‏.‏، فَأَوْجِبَ الْكَفَّارَةَ بِإِتْيَانِ الْحَالِفِ مَا حَلَفَ أَلَّا يَأْتِيَهُ، مَعَ وُجُوبِ إِتْيَانِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنَ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ أَلَّا يَأْتِيَهُ، وَكَانَتِ الْغَرَامَةُ فِي الْمَالِ- أَوْ إِلْزَامُ الْجَزَاءِ مِنَ الْمَجْزِيِّ إِبْدَالُ الْجَازِينَ لَا شَكَّ عُقُوبَةً كَبَعْضِ الْعُقُوبَاتِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ نَكَالًا لِخَلْقِهِ فِيمَا تَعَدَّوْا مِنْ حُدُودِهِ، وَإِنْ كَانَ يَجْمَعُ جَمِيعَهَا أَنَّهَا تَمْحِيصٌ وَكَفَّارَاتٌ لِمَنْ عُوقِبَ بِهَا فِيمَا عُوقِبُوا عَلَيْهِ كَانَ بَيِّنًا أَنَّ مَنْ أَلْزَمَ الْكَفَّارَةَ فِي عَاجِلِ دُنْيَاهُ فِيمَا حَلَفَ بِهِ مِنَ الْأَيْمَانِ فَحَنِثَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ كَفَّارَةً لِذَنْبِهِ، فَقَدَ وَاخَذَهَ اللَّهُ بِهَا بِإِلْزَامِهِ إِيَّاهُ الْكَفَّارَةَ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مَا عُجَّلَ مِنْ عُقُوبَتِهِ إِيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ، مُسْقِطًا عَنْهُ عُقُوبَتَهُ فِي آجِلِهِ‏.‏ وَإِذْ كَانَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ وَاخَذَهُ بِهَا، فَغَيْرُ جَائِزٍ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ وَقَدْ وَاخَذَهُ بِهَا‏:‏ هِيَ مِنَ اللَّغْوِ الَّذِي لَا يُؤَاخِذُ بِهِ قَائِلَهُ‏.‏

فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ جَائِزٍ، فَبَيِّنٌ فَسَادُ الْقَوْلِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ “ اللَّغْوُ الْحَلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ “، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ عَلَى الْحَالِفِ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ كَفَّارَةً بِحِنْثِهِ فِي يَمِينِهِ‏.‏ وَفِي إِيجَابِ سَعِيدٍ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ صَاحِبَهَا بِهَا مُؤَاخَذٌ، لِمَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ فِي يَمِينِهِ، فَلَيْسَ مِمَّنْ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهَا‏.‏

فَإِذَا كَانَ “ اللَّغْوُ “ هُوَ مَا وَصَفْنَا مِمَّا أَخْبَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُؤَاخِذِنَا بِهِ- وَكُلُّ يَمِينٍ لَزِمَتْ صَاحِبَهَا بِحِنْثِهِ فِيهَا الْكَفَّارَةُ فِي الْعَاجِلِ، أَوْ أَوْعَدَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ صَاحِبَهَا الْعُقُوبَةَ عَلَيْهَا فِي الْآجِلِ، وَإِنْ كَانَ وَضَعَ عَنْهُ كَفَّارَتَهَا فِي الْعَاجِلِ- فَهِيَ مِمَّا كَسَبَتْهُ قُلُوبُ الْحَالِفِينَ، وَتَعَمَّدَتْ فِيهِ الْإِثْمَ نُفُوسُ الْمُقْسِمِينَ‏.‏ وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ “ اللَّغْوُ “، وَقَدْ بَيَّنَّا وُجُوهَهُ فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إذًا‏:‏ لَا تَجْعَلُوا اللَّهَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ قُوَّةً لِأَيْمَانِكُمْ، وَحُجَّةً لِأَنْفُسِكُمْ فِي إِقْسَامِكُمْ، فِي أَلَّا تَبَرُّوا وَلَا تَتَّقُوا وَلَا تُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا لَغَتْهُ أَلْسِنَتُكُمْ مِنْ أَيْمَانِكُمْ فَنَطَقَتْ بِهِ مِنْ قَبِيحِ الْأَيْمَانِ وَذَمِيمِهَا، عَلَى غَيْرِ تَعَمُّدِكُمُ الْإِثْمَ، وَقَصْدِكُمْ بِعَزَائِمَ صُدُورِكُمْ إِلَى إِيجَابِ عَقْدِ الْأَيْمَانِ الَّتِي حَلَفْتُمْ بِهَا، وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا تَعَمَّدْتُمْ فِيهِ عَقْدَ الْيَمِينِ وَإِيجَابَهَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَعَزَمْتُمْ عَلَى الِإْتِمَانِ عَلَى مَا حَلَفْتُمْ عَلَيْهِ بِقَصْدٍ مِنْكُمْ وَإِرَادَةٍ، فَيَلْزَمُكُمْ حِينَئِذٍ إِمَّا كَفَّارَةٌ فِي الْعَاجِلِ، وَإِمَّا عُقُوبَةٌ فِي الْآجِلِ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏225‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي أَوْعَدَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ‏}‏ عِبَادَهُ أَنَّهُ مُؤَاخِذُهُمْ بِهِ، بَعْدَ إِجْمَاعِ جَمِيعِهِمْ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ‏}‏، مَا تَعَمَّدَتْ‏.‏

فَقَالَ بَعْضُهُمُ‏:‏ الْمَعْنَى الَّذِي أَوْعَدَ اللَّهُ عِبَادَهُ مُؤَاخَذَتَهُمْ بِهِ‏:‏ هُوَ حَلِفُ الْحَالِفِ مِنْهُمْ عَلَى كَذِبٍ وَبَاطِلٍ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ إِذَاحَلَفَ الرَّجُلِ عَلَى الْيَمِينِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ صَادَقٌ وَهُوَ كَاذِبٌفَلَا يُؤَاخِذُ بِهَا‏.‏ وَإِذَا حَلَفَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ، فَذَاكَ الَّذِي يُؤَاخِذُ بِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجَعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ‏:‏ قَالَ إِبْرَاهِيمُ‏:‏ ‏{‏وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الشَّيْءِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ، فَذَاكَ الَّذِي يُؤَاخِذُ بِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَكَّامٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ‏:‏ ‏{‏وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ‏}‏، أَنْ تَحْلِفَ وَأَنْتَ كَاذِبٌ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ ‏[‏حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ‏]‏ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ‏}‏ ‏[‏سُورَةَ الْمَائِدَةِ‏:‏ 89‏]‏، وَذَلِكَ الْيَمِينُ الصَّبْرُ الْكَاذِبَةُ، يَحْلِفُ بِهَا الرَّجُلَ عَلَى ظُلْمٍ أَوْ قَطِيعَةٍ، فَتِلْكَ لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ الظُّلْمَ، أَوْ يَرُدَّ ذَلِكَ الْمَالَ إِلَى أَهْلِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ـ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا‏}‏ إِلَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏}‏ ‏[‏سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 77‏]‏‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ “ وَلَكِنْ ‏{‏يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ‏}‏، مَا عَقَدَتْ عَلَيْهِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ لَا تُؤَاخِذُ حَتَّى تَصْعَدَ لِلْأَمْرِ، ثُمَّ تَحْلِفَ عَلَيْهِ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَتَعْقِدُ عَلَيْهِ يَمِينَكَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَالْوَاجِبُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ـ‏:‏ ‏{‏وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ‏}‏، فِي الْآخِرَةِ بِهَا بِمَا شَاءَ مِنَ الْعُقُوبَاتِ- وَأَنْ تَكُونَالْكَفَّارَةُ إِنَّمَا تَلْزَمُ الْحَالِفَ فِي الْأَيْمَانِ الَّتِي هِيَ لَغْوٌ‏.‏ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الْكَفَّارَةَ إِلَّا فِي الْأَيْمَانِ الَّتِي تَكُونُ لَغْوً فَأَمَّا مَا كَسَبَتْهُ الْقُلُوبُ وَعَقَدَتْ فِيهِ عَلَى الْإِثْمِ، فَلَمْ يَكُنْ يُوجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةَ‏.‏ وَقَدْ ذَكَّرْنَا الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ بِذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ‏.‏

وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ تَأْوِيلَ الْآيَةِ عِنْدَهُمْ، فَالْوَاجِبُ عَلَى مَذْهَبِهِمْ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْآيَةِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ‏:‏ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ‏.‏

وَبِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ، كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ وَجَمَاعَةٌ أَخَرُ غَيْرُهُمْ يَقُولُونَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ بِذَلِكَ آنِفًا‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ الْمَعْنَى الَّذِي أَوْعَدَ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤَاخَذَةَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، هُوَ حَلِفُ الْحَالِفِ عَلَى بَاطِلٍ يَعْلَمُهُ بَاطِلًا‏.‏ وَفِي ذَلِكَ أَوْجَبَ اللَّهُ عِنْدَهُمُ الْكَفَّارَةَ، دُونَ اللَّغْوِ الَّذِي يَحْلِفُ بِهِ الْحَالِفُ وَهُوَ مُخْطِئٌ فِي حَلِفِهِ، يَحْسَبُ أَنَّ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ كَمَا حَلَفَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ بِمَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ، وَمَا تَعَمَّدَتْ فِيهِ الْمَأْثَمَ، فَهَذَا عَلَيْكَ فِيهِ الْكَفَّارَةُ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ مِثْلُهُ سَوَاءٌ‏.‏

وَكَأَنَّ قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ، وَجَّهُوا تَأْوِيلَ مُؤَاخَذَةِ اللَّهِ عَبْدَهُ عَلَى مَا كَسَبَهُ قَلْبُهُ مِنَ الْأَيْمَانِ الْفَاجِرَةِ، إِلَى أَنَّهَا مُؤَاخَذَةٌ مِنْهُ لَهُ بِهَا بِإِلْزَامِهِ الْكَفَّارَةَ فِيهِ‏.‏ وَقَالَ بِنَحْوِ قَوْلِ قَتَادَةَ جَمَاعَةٌ أُخَرُ، فِي إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحَالِفِالْيَمِينَ الْفَاجِرَةَمِنْهُمْ عَطَاءٌ وَالْحَكَمُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَيَعْقُوبُ قَالَا حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ عَنْ عَطَاءٍ وَالْحَكَمِ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ فِيمَنْ حَلَفَ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا‏:‏ يُكَفِّرُ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ ذَلِكَ مَعْنَيَانِ‏:‏ أَحَدُهُمَا مُؤَاخَذٌ بِهِ الْعَبْدُ فِي حَالِ الدُّنْيَا بِإِلْزَامِ اللَّهِ إِيَّاهُ الْكَفَّارَةَ مِنْهُ، وَالْآخِرُ مِنْهُمَا مُؤَاخَذٌ بِهِ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ “ وَلَكِنْ ‏{‏يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ‏}‏ أَمَّا “ مَا كَسَبَتْ قُلُوبَكُمْ “ فَمَا عَقَدَتْ قُلُوبَكُمْ، فَالرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْيَمِينِ يَعْلَمُ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ- إِرَادَةَ أَنْ يَقْضِيَ أَمْرَهُ‏.‏وَالْأَيْمَانُ ثَلَاثَةٌ‏:‏ “ اللَّغْوُ، وَالْعَمْدُ، وَالْغَمُوسُ“‏.‏ وَالرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْيَمِينِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَ، ثُمَّ يَرَى خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ، فَهَذِهِ الْيَمِينُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ـ‏:‏ ‏{‏وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ‏}‏، فَهَذِهِ لَهَا كَفَّارَةٌ‏.‏

وَكَأَنَّ قَائِلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، وَجَّهَ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ‏}‏، إِلَى غَيْرِ مَا وَجَّهَ إِلَيْهِ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ‏:‏ “ وَلَكِنْ ‏{‏يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ‏}‏، وَجَعَلَ قَوْلُهُ‏:‏ “ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبَكُمْ “، الْغَمُوسَ مِنَ الْأَيْمَانِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا الْحَالِفُ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِأَنَّهُ فِي حَلِفِهِ بِهَا مُبْطِلٌ- وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ‏}‏، الْيَمِينَ الَّتِي يَسْتَأْنِفُ فِيهَا الْحِنْثَ أَوِ الْبِرَّ، وَهُوَ فِي حَالِ حَلِفِهِ بِهَا عَازِمٌ عَلَى أَنْ يَبَرَّ فِيهَا‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ ذَلِكَ‏:‏ هُوَ اعْتِقَادُ الشِّرْكِ بِاللَّهِ وَالْكَفْرِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ- يَعْنِي ابْنَ عَجْلَانِ-‏:‏ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ كَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ ـ‏:‏ ‏{‏وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ‏}‏، مِثْلَ قَوْلِ الرَّجُلِ‏:‏ “ هُوَ كَافِرٌ، هُوَ مُشْرِكٌ “، قَالَ‏:‏ لَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ قَلْبِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ اللَّغْوُ فِي هَذَا، الْحَلِفُ بِاللَّهِ مَا كَانَ بِالْأَلْسُنِ، فَجَعَلَهُ لَغْوًا، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ‏:‏ “ هُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ، وَهُوَ إذًا يُشْرِكُ بِاللَّهِ، وَهُوَ يَدْعُو مَعَ اللَّهِ إِلَهًا “، فَهَذَا اللَّغْوُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي “ سُورَةِ الْبَقَرَةِ “‏:‏ ‏{‏وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ بِمَا كَانَ فِي قُلُوبِكُمْ صِدْقًا، وَاخِذُكَ بِهِ‏.‏ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِكَ صِدْقٌ لَمْ يُؤَاخِذْكَ بِهِ، وَإِنْ أَثِمْتَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ، أَنْ يُقَالَ‏:‏ إِنِ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَوْعَدَ عِبَادَهُ أَنْ يُؤَاخِذَهُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُهُمْ مِنَ الْأَيْمَانِ، فَالَّذِي تَكْسِبُهُ قُلُوبُهُمْ مِنَ الْأَيْمَانِ هُوَ مَا قَصَدَتْهُ وَعَزَمَتْ عَلَيْهِ عَلَى عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ مِنْهَا بِمَا تَقْصِدُهُ وَتُرِيدُهُ، وَذَلِكَ يَكُونُ مِنْهَا عَلَى وَجْهَيْنِ‏:‏

أَحَدُهُمَا‏:‏ عَلَى وَجْهِ الْعَزْمِ عَلَى مَا يَكُونُ بِهِ الْعَازِمُ عَلَيْهِ فِي حَالِ عَزْمِهِ بِالْعَزْمِ عَلَيْهِ آثِمًا، وَبِفِعْلِهِ مُسْتَحِقًّا الْمُؤَاخَذَةَ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهَا‏.‏ وَذَلِكَ كَالْحَالِفِ عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يَفْعَلْهُ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَهُ، وَعَلَى الشَّيْءِ الَّذِي قَدْ فَعَلَهُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ، قَاصِدًا قِيلَ الْكَذِبِ، وَذَاكِرًا أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ، أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ‏.‏ فَيَكُونُ الْحَالِفُ بِذَلِكَ- إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ- فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنْ شَاءَ وَاخَذَهُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ بِتَفَضُّلِهِ، وَلَا كَفَارَّةَ عَلَيْهِ فِيهَا فِي الْعَاجِلِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْأَيْمَانِ الَّتِي يَحْنَثُ فِيهَا‏.‏ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي الْأَيْمَانِ بِالْحِنْثِ فِيهَا‏.‏ وَالْحَالِفُ الْكَاذِبُ فِي يَمِينِهِ، لَيْسَتْ يَمِينُهُ مِمَّا يُتْبَدَأُ فِيهِ الْحِنْثُ، فَتَلْزَمُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ‏.‏

وَالْوَجْهُ الْآخَرُ مِنْهُمَا‏:‏ عَلَى وَجْهِ الْعَزْمِ عَلَى إِيجَابِ عَقْدِ الْيَمِينِ فِي حَالِ عَزْمِهِ عَلَى ذَلِكَ‏.‏ فَذَلِكَ مِمَّا لَا يُؤَاخِذُ بِهِ صَاحِبَهُ حَتَّى يَحْنَثَ فِيهِ بَعْدَ حَلِفِهِ‏.‏ فَإِذَا حَنِثَ فِيهِ بَعْدَ حَلِفِهِ، كَانَ مُؤَاخَذًا بِمَا كَانَ اكْتَسَبْهُ قَلْبُهُ- مِنَ الْحَلِفِ بِاللَّهِ عَلَى إِثْمٍ وَكَذِبٍ- فِي الْعَاجِلِ بِالْكَفَّارَةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ كَفَّارَةً لِذَنْبِهِ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏225‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ غَفُورٌ‏}‏ لِعِبَادِهِ فِيمَا لَغَوْا مِنْ أَيْمَانِهِمُ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهَا، وَلَوْ شَاءَ وَاخَذَهُمْ بِهَا وَلَمَّا وَاخَذَهُمْ بِهِ فَكَفَّرُوهَا فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا بِالتَّكْفِيرِ فِيهِ، وَلَوْ شَاءَ وَاخَذَهُمْ فِي آجِلِ الْآخِرَةِ بِالْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ، فَسَاتِرٌ عَلَيْهِمْ فِيهَا، وَصَافِحٌ لَهُمْ بِعَفْوِهِ عَنِ الْعُقُوبَةِ فِيهَا، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ “ حَلِيمٌ “ فِي تَرْكِهِ مُعَاجَلَةَ أَهْلِ مَعْصِيَتِهِ الْعُقُوبَةَ عَلَى مَعَاصِيهِمْ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏226‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ‏}‏، لِلَّذِينِ يُقَسِّمُونَ أَلِيَّةً “ وَالْأَلْيَةُ “ الْحِلْفُ، كَمَا‏:‏-

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ‏}‏، يَحْلِفُونَ‏.‏

يُقَالُ‏:‏ “ آلَى فُلَانٌ يُؤْلِي إِيلَاءً وَأَلِيَّةً “، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ‏:‏

كَفَيْنَا مَنْ تَغَيَّبَ فِي تُرَابٍ *** وَأَحْنَثْنَا أَلِيَّةَ مُقْسِمِينَا

وَيُقَالُ‏:‏ “ أَلْوَةٌ وَأُلْوَةٌ “، كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ‏:‏

يَا أُلْوَةٌ مَا أُلْوَةٌ مَا أُلْوَتِي ***

وَقَدْ حُكِيَ عَنْهُمْ أَيْضًا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ‏:‏ “ إِلْوَةٌ “ مَكْسُورَةُ الْأَلِفِ‏.‏

“ وَالتَّرَبُّصُ “‏:‏ النَّظَرُ وَالتَّوَقُّفُ‏.‏

وَمَعْنَى الْكَلَامِ‏:‏ لِلَّذِينِ يُؤْلُونَ أَنْ يَعْتَزِلُوا مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَتَرَكَ ذِكْرَ “ أَنْ يَعْتَزِلُوا “، اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ‏.‏

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيصِفَةِ الْيَمِينِ الَّتِي يَكُونُ بِهَا الرَّجُلُ مُولِيًا مِنَ امْرَأَتِهِ‏.‏

فَقَالَ بَعْضُهُمُ‏:‏ الْيَمِينُ الَّتِي يَكُونُ بِهَا الرَّجُلُ مُولِيًا مِنَ امْرَأَتِهِ‏:‏ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهَا فِي- حَالِ غَضَبٍ عَلَى وَجْهِ الضِّرَارِ- أَلَّا يُجَامِعُهَا فِي فَرْجِهَا، فَأَمَّا إِنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِضْرَارِ، وَعَلَى غَيْرِ غَضَبٍ، فَلَيْسَ هُوَ مُولِيًا مِنْهَا‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ حُرَيْثِ بْنِ عُمَيْرَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ، قَالَ جِبِّيرٌ‏:‏ أَرَضِعِي ابْنَ أَخِي مَعَ ابْنِكِ‏!‏ فَقَالَتْ‏:‏ مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُرْضِعَ اثْنَيْنِ‏!‏ فَحَلَفَ أَلَّا يَقْرَبَهَا حَتَّى تَفْطِمَهُ‏.‏ فَلَمَّا فَطَمَتْهُ مَرَّ بِهِ عَلَى الْمَجْلِسِ، فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ‏:‏ حَسَنًا مَا غَذَوْتُمُوهُ‏!‏ قَالَ جُبَيْرٌ‏:‏ إِنِّي حَلَفْتُ أَلَّا أَقْرَبَهَا حَتَّى تَفْطِمَهُ‏!‏ فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ‏:‏ هَذَا إِيلَاءٌ‏!‏‏!‏ فَأَتَى عَلْيًا فَاسْتَفْتَاهُ، فَقَالَ‏:‏ إِنْ كُنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ غَضَبًا فَلَا تَصْلُحُ لَكَ امْرَأَتُكَ، وَإِلَّا فَهِيَ امْرَأَتُكَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَثْنَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَطِيَّةَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ تُوُفِّيَتْ أُمُّ صَبِيِّ نَسِيبَةٍ لِي فَكَانَتِ امْرَأَةُ أَبِي تُرْضِعُهُ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا حَتَّى تَفْطِمَهُ‏.‏ فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قِيلَ لَهُ‏:‏ قَدْ بَانَتْ مِنْكَ‏!‏- وَأَحْسَبُ، شَكَّ أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ-‏:‏ فَأَتَى عَلْيًا يَسْتَفْتِيهِ فَقَالَ‏:‏ إِنْ كُنْتَ قُلْتَ ذَلِكَ غَضَبًا فَلَا امْرَأَةَ لَكَ، وَإِلَّا فَهِيَ امْرَأَتُكَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَثْنَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي سِمَاكٌ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عَطِيَّةَ بْنَ جُبَيْرٍ- يَذُكُرُ نَحْوَهُ عَنْ عَلِيٍّ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَثْنَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَجْلٍ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ‏:‏ أَنَّهُ تُوُفِّيَ أَخُوهُ وَتَرَكَ ابْنًا لَهُ صَغِيرًا، فَقَالَ أَبُو عَطِيَّةَ لِامْرَأَتِهِ‏:‏ أَرَضِعَيْهِ‏!‏ فَقَالَتْ‏:‏ إِنَّى أَخْشَى أَنْ تُغِيلَهُمَا، فَحَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا حَتَّى تَفْطِمَهُمَا، فَفَعَلَ حَتَّى فَطَمَتْهُمَا‏.‏ فَخَرَجَ ابْنُ أَخِي أَبِي عَطِيَّةَ إِلَى الْمَجْلِسِ، فَقَالُوا‏:‏ لَحُسْنَ مَا غَذَا أَبُو عَطِيَّةَ ابْنَ أَخِيهِ‏!‏ قَالَ‏:‏ كَلَّا‏!‏ زَعَمَتْ أَمُّ عَطِيَّةَ أَنِّي أُغِيلُهُمَا، فَحَلَفْتُ أَلَّا أَقْرَبَهَا حَتَّى تَفْطِمَهُمَا‏.‏ فَقَالُوا لَهُ‏:‏ قَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ امْرَأَتُكَ‏!‏ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ‏:‏ إِنَّمَا أَرَدْتَ الْخَيْرَ، وَإِنَّمَا الْإِيلَاءُ فِي الْغَضَبِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَثْنَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ‏:‏ أَنَّ أَخَاهُ تُوُفِّيَ- فَذَكَرَ نَحْوَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ‏:‏ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ أَخُوهُ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ‏:‏ أَرْضِعِي ابْنَ أَخِي‏.‏ فَقَالَتْ‏:‏ أَخَافَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ‏!‏ فَحَلَفَ أَلَّا يَمَسْهَا حَتَّى تَفْطِمَ‏.‏ فَأَمْسَكَ عَنْهَا، حَتَّى إِذَا فَطَمَتْهُ أَخْرَجَ الْغُلَامَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالُوا‏:‏ لَقَدْ أَحْسَنَتْ غِذَاءَهُ‏!‏ فَذَكَرَ لَهُمْ شَأْنَهُ، فَذَكَرُوا امْرَأَتَهُ، قَالَ‏:‏ فَذَهَبَ إِلَى عَلِيٍّ- فَاسْتَحْلَفَهُ بِاللَّهِ‏:‏ “ مَا أَرَدْتَ بِذَلِكَ‏؟‏ “، يَعْنِي إِيلَاءً، قَالَ‏:‏ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ أَبِي عَطِيَّةَ قَالَ تُوُفِّيَ أَخٌ لِي وَتَرَكَ يَتِيمًا لَهُ رَضِيعًا، وَكُنْتُ رَجُلًا مُعْسِرًا، لَمْ يَكُنْ بِيَدِي مَا أَسْتَرْضِعُ لَهُ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَقَالَتْ لِي امْرَأَتِي، وَكَانَ لِي مِنْهَا ابْنٌ تُرْضِعُهُ‏:‏- إِنْ كَفَيْتَنِي نَفْسَكَ كَفَيْتُكَهُمَا‏!‏ فَقُلْتُ‏:‏ وَكَيْفَ أَكْفِيكِ نَفْسِي‏؟‏ قَالَتْ‏:‏ لَا تَقْرَبْنِي‏.‏ فَقُلْتُ‏:‏ وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ حَتَّى تَفْطِمِيهِمَا‏.‏ قَالَ‏:‏ فَفَطَمَتْهُمَا وَخَرَجَا عَلَى الْقَوْمِ، فَقَالُوا‏:‏ مَا نَرَاكَ إِلَّا قَدْ أَحْسَنَتْ وِلَايَتَهُمَا‏!‏ قَالَ‏:‏ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِمُ الْقِصَّةَ، فَقَالُوا‏:‏ مَا نَرَاكَ إِلَّا آلَيْتَ مِنْهَا وَبَانَتْ مِنْكَ‏!‏ قَالَ‏:‏ فَأَتَيْتُ عَلْيًا فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ‏:‏ إِنَّمَا الْإِيلَاءُ مَا أُرِيدَ بِهِ الْإِيلَاءُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ لَا إِيلَاءَ إِلَّا بِغَضَبٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ لَا إِيلَاءَ إِلَّا بِغَضَبٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ عَنْ أَبِي فَزَارَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ لَا إِيلَاءَ إِلَّا بِغَضَبٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ‏:‏ لَا إِيلَاءَ إِلَّا بِغَضَبٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍِ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ‏:‏ إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ تُرْضِعُ‏:‏ “ وَاللَّهِ لَا قَرَبْتُكِ حَتَّى تَفْطِمِي وَلَدِي “، يُرِيدُ بِهِ صَلَاحَ وَلَدِهِ، قَالَ‏:‏ لَيْسَ عَلَيْهِ إِيلَاءٌ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ‏:‏ إِنِّي قُلْتُ لِامْرَأَتِي لَا أَقْرَبُهَا سَنَتَيْنِ‏.‏ قَالَ‏:‏ قَدْ آلَيْتَ مِنْهَا‏.‏ قَالَ‏:‏ إِنَّمَا قُلْتُ لِأَنَّهَا تُرْضِعُ‏!‏ قَالَ‏:‏ فَلَا إذًا‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ‏:‏ إِنَّمَا الْإِيلَاءُ مَا كَانَ فِي غَضَبٍ، يَقُولُ الرَّجُلَ‏:‏ “ وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ، وَاللَّهِ لَا أَمَسُّكِ‏!‏‏"‏‏.‏ فَأَمَّا مَا كَانَ فِي إِصْلَاحٍ مِنْ أَمْرِ الرِّضَاعِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إِيلَاءً، وَلَا تَبِينُ مِنْهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ- يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ- قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ حَفْصٍ عَنِ الْحَسَنِ‏:‏ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ‏:‏ لَا وَاللَّهِ، مَا هُوَ بِإِيلَاءٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ إِذَا حَلَفَ مِنْ أَجْلِ الرَّضَاعِ فَلَيْسَ بِإِيلَاءٍ‏.‏

حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ عَنِ الرَّجُلِ يَقُولُ‏:‏ وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُ امْرَأَتِي حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدِي‏!‏ قَالَ‏:‏ لَا أَعْلَمُ الْإِيلَاءَ يَكُونُ إِلَّا بِحَلِفٍ بِاللَّهِ، فِيمَا يُرِيدُ الْمَرْءُ أَنْ يُضَارَّ بِهِ امْرَأَتَهُ مِنَ اعْتِزَالِهَا، وَلَا نَعْلَمُ فَرِيضَةَ الْإِيلَاءِ إِلَّا عَلَى أُولَئِكَ، فَلَا تَرَى أَنَّ هَذَا الَّذِي أَقْسَمَ بِالِاعْتِزَالِ لِامْرَأَتِهِ حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهُ، أَقْسَمَ إِلَّا عَلَى أَمْرٍ يَتَحَرَّى بِهِ فِيهِ الْخَيْرَ، فَلَا نَرَى وَجَبَ عَلَى هَذَا مَا وَجَبَ عَلَى الْمُولِي الَّذِي يُولِي فِي الْغَضَبِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ سَوَاءٌ إِذَاحَلَفَ الرَّجُلِ عَلَى امْرَأَتِهِ أَلَّا يُجَامِعَهَا فِي فَرْجِهَاكَانَ حِلْفُهُ فِي غَضَبٍ أَوْ غَيْرِ غَضَبٍ، كُلُّ ذَلِكَ إِيلَاءٌ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ- فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ‏:‏ “ إِنْ غَشِيتُكِ حَتَّى تَفْطِمِي وَلَدَكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ “، فَتَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ‏.‏ قَالَ‏:‏ هُوَ إِيلَاءٌ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنِ النَّخَعِيِّ قَالَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غِشْيَانِهَا، فَتَرْكَهَا حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَهُوَ دَاخِلٌ عَلَيْهِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْقَعْقَاعِ قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ رَجُلٍ تُرْضِعُ امْرَأَتُهُ صَبِيًّا، فَحَلَفَ أَلَّا يَطَأْهَا حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا، فَقَالَ‏:‏ مَا أَرَى هَذَا بِغَضَبٍ، وَإِنَّمَا الْإِيلَاءُ فِي الْغَضَبِ قَالَ‏:‏ وَقَالَ ابْنُ سَيْرَيْنِ‏:‏ مَا أَدْرِي مَا هَذَا الَّذِي يُحَدِّثُونَ‏؟‏‏!‏ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ‏:‏ ‏{‏لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ‏}‏ إِلَى ‏{‏فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ‏}‏، إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَلْيَخْطُبْهَا إِنْ رَغِبَ فِيهَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ- فِي رَجُلٍ حَلَفَ أَلَّا يُكَلِّمُ امْرَأَتَهُ- قَالَ‏:‏ كَانُوا يَرَوْنَ الْإِيلَاءَ فِي الْجِمَاعِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ قَالَ‏:‏ كُلُّ يَمِينٍ مَنَعَتْ جِمَاعًا حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهَرٍ، فَهِيَ إِيلَاءٌ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ وَأَشْعَثَ عَنِ الشَّعْبِيِّ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ قَالَا‏:‏ كُلُّ يَمِينٍ مَنَعَتْ جِمَاعًا فَهِيَ إِيلَاءٌ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ كُلُّ يَمِينِ حَلَفَ بِهَا الرَّجُلُ فِي مَسَاءَةِ امْرَأَتِهِ، فَهِيَ إِيلَاءٌ مِنْهُ مِنْهَا، عَلَى الْجِمَاعِ حَلِفٌ أَوْ غَيْرِهِ، فِي رِضًا حَلَفَ أَوْ سَخِطَ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ خُصَيْفٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ‏:‏ كُلُّ يَمِينٍ حَالَتْ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ فَهِيَ إِيلَاءٌ، إِذَا قَالَ‏:‏ “ وَاللَّهِ لَأُغْضِبَنَّكِ، وَاللَّهِ لَأَسُوأَنَّكِ، وَاللَّهِ لَأَضْرِبَنَّكِ “، وَأَشْبَاهَ هَذَا‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي وَشُعَيْبٌ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ الْعَامِرِيِّ‏:‏ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِهِ قَالَ لِامْرَأَتِهِ‏:‏ “ إِنْ كَلَّمْتُكِ سَنَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ “، وَاسْتَفْتَى الْقَاسِمَ وَسَالِمًا فَقَالَا إِنْ كَلَّمْتَهَا قَبْلَ سَنَةٍ فَهِيَ طَالِقٌ، وَإِنْ لَمْ تُكَلِّمْهَا فَهِيَ طَالِقٌ إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ حَمَّادًا قَالَ قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ‏:‏ الْإِيلَاءُ‏:‏ أَنْ يَحْلِفَ أَلَّا يُجَامِعَهَا وَلَا يُكَلِّمَهَا وَلَا يَجْمَعَ رَأْسَهُ بِرَأْسِهَا، أَوْ لَيُغْضِبَنَّهَا، أَوْ لِيَحْرِمَنَّهَا، أَوْ لَيَسُوأَنَّهَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ الْحَكَمَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ‏:‏ “ وَاللَّهِ لَأَغِيظَنَّكِ “‏!‏ فَتَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، قَالَ‏:‏ هُوَ إِيلَاءٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ شُعْبَةَ قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ الْحَكَمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ‏:‏ أَنَّهُ إِنْ حَلَفَ رَجُلٌ أَلَّا يُكَلِّمَ امْرَأَتَهُ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا، قَالَ‏:‏ فَإِنَّا نَرَى ذَلِكَ يَكُونُ إِيلَاءً‏.‏ وَقَالَ‏:‏ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَلَفَ أَلَّا يُكَلِّمَهَا، فَكَانَ يَمَسُّهَا فَلَا نَرَى ذَلِكَ يَكُونُ مِنَ الْإِيلَاءِ‏.‏ وَالْفَيْءُ‏:‏ أَنْ يَفِيءَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَيُكَلِّمَهَا أَوْ يَمَسَّهَا‏.‏ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَقَدْ فَاءَ‏.‏ وَمَنْ فَاءَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا، فَقَدْ فَاءَ وَمَلَكَ امْرَأَتَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ مَضَتْ لَهَا تَطْلِيقَةٌ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَعِلَّةُ مَنْ قَالَ‏:‏ “ إِنَّمَا الْإِيلَاءُ فِي الْغَضَبِ وَالضِّرَارِ “‏:‏ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِنَّمَا جَعَلَ الْأَجَلَ الَّذِي أَجَّلَ فِي الْإِيلَاءِ مَخْرَجًا لِلْمَرْأَةِ مِنْ عَضَلِ الرَّجُلِ وَضِرَارِهِ إِيَّاهَا، فِيمَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ حُسْنِ الصُّحْبَةِ وَالْعِشْرَةِ بِالْمَعْرُوفِ‏.‏ وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ لَهَا عَاضِلًا وَلَا مُضَارًا بِيَمِينِهِ وَحِلْفِهِ عَلَى تَرْكِ جِمَاعِهَا، بَلْ كَانَ طَالِبًا بِذَلِكَ رِضَاهَا، وَقَاضِيًا بِذَلِكَ حَاجَتَهَا، لَمْ يَكُنْ بِيَمِينِهِ تِلْكَ مُولِيًا، لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى هُنَالِكَ لَحِقَ الْمَرْأَةَ بِهِ مِنْ قِبَلِ بَعْلِهَا مَسَاءَةٌ وَسُوءُ عِشْرَةٍ، فَيَجْعَلُ الْأَجَلَ- الَّذِي جُعِلَ لِلْمُولِي- لَهَا مَخْرَجًا مِنْهُ‏.‏

وَأَمَّا عِلَّةُ مَنْ قَالَ‏:‏ “الْإِيلَاءُ فِي حَالِ الْغَضَبِوَالرِّضَا سَوَاءٌ “، عُمُومُ الْآيَةِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَمْ يُخَصِّصْ مِنْ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ‏}‏ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ، بَلْ عَمَّ بِهِ كُلَّ مُولٍ وَمُقْسِمٍ‏.‏ فَكُلُّ مُقْسِمٍ عَلَى امْرَأَتِهِ أَلَّا يَغْشَاهَا مُدَّةً هِيَ أَكْثَرُ مِنَ الْأَجَلِ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ لَهُ تَرَبُّصُهُ، فَمُولٍ مِنَ امْرَأَتِهِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ‏.‏ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ‏:‏ هُوَ مُولٍ، وَإِنْ كَانَتْ مُدَّةَ يَمِينِهِ الْأَجَلُ الَّذِي جُعِلَ لَهُ تَرَبُّصُهُ‏.‏

وَأَمَّا عِلَّةُ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ الشَّعْبِيِّ وَالْقَاسِمِ وَسَالِمٍ‏:‏ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ جَعَلَ الْأَجَلَ الَّذِي حَدَّهُ لِلْمُولِي مَخْرَجًا لِلْمَرْأَةِ مِنْ سُوءِ عَشَرَتِهَا بَعْلِهَا إِيَّاهَا وَضِرَارِهِ بِهَا‏.‏ وَلَيْسَتِ الْيَمِينُ عَلَيْهَا بِأَلَّا يُجَامِعَهَا وَلَا يَقْرَبَهَا، بِأَوْلَى بِأَنْ تَكُونَ مِنْ مَعَانِي سُوءِ الْعِشْرَةِ وَالضِّرَارِ، مِنَ الْحَلِفِ عَلَيْهَا أَلَّا يُكَلِّمَهَا أَوْ يَسُوءَهَا أَوْ يَغِيظَهَا‏.‏ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهَا وَسُوءُ عِشْرَةٍ لَهَا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَأَوْلَى التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ كُلُّ يَمِينٍ مَنَعَتِ الْمُقْسِمَ الْجِمَاعَ أَكْثَرَ مِنَ الْمُدَّةِ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لِلْمُولِي تَرَبُّصَهَا قَائِلًا فِي غَضَبٍ كَانَ ذَلِكَ أَوْ رِضًا‏.‏ وَذَلِكَ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ لِقَائِلِي ذَلِكَ‏.‏

وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا ‏(‏كِتَابِ اللَّطِيفِ‏)‏ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ، فَكَرِهْنَا إِعَادَتَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏226‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ‏:‏ فَإِنْ رَجَعُوا إِلَى تَرْكِ مَا حَلَفُوا عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلُوهُ بِهِنَّ مِنْ تَرْكِ جِمَاعِهِنَّ، فَجَامَعُوهُنَّ وَحَنِثُوا فِي أَيْمَانِهِمْ “ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ “ لِمَا كَانَ مِنْهُمْ مَنِ الْكَذِبِ فِي أَيْمَانِهِمْ بِأَنْ لَا يَأْتُوهُنَّ ثُمَّ أَتَوْهُنَّ، وَلِمَا سَلَفَ مِنْهُمْ إِلَيْهِنَّ، مِنَ الْيَمِينِ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَيْهِ فَحَلَفُوا عَلَيْهِ “ رَحِيمٌ “ بِهِمْ وَبِغَيْرِهِمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ‏.‏

وَأَصْلُ “ الْفَيْءِ “، الرُّجُوعُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ـ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا‏}‏ إِلَى قَوْلِهِ ‏{‏حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ‏}‏ ‏[‏سُورَةَ الْحُجُرَاتِ‏:‏ 9‏]‏، يَعْنِي‏:‏ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ‏.‏ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ‏:‏

فَفَاءَتْ وَلَمْ تَقْضِ الَّذِي أَقْبَلَتْ لَهُ *** وَمِنْ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ مَا لَيْسَ قَاضِيَا

يُقَالُ مِنْهُ‏:‏ “ فَاءَ فُلَانٌ يَفِيءُ فَيْئَةً “- مِثْلُ “ الْجِيئَةِ “ وَ“ فَيْأً‏"‏‏.‏ وَ“ الْفَيْئَةُ “ الْمَرَّةُ‏.‏ فَأَمَّا فِي الظِّلِّ فَإِنَّهُ يُقَالُ‏:‏ “ فَاءَ الظِّلُّ يَفِيءُ فُيُوءًا وَفَيْأً “، وَقَدْ يُقَالُ‏:‏ “ فُيُوءًا “ أَيْضًا فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، لِأَنَّ “ الْفَيْءَ “ فِي كُلِّ الْأَشْيَاءِ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ‏.‏

وَبِمَثَلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ، غَيْرَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيمَا يَكُونُ بِهِ الْمُولِي فَائِيًا‏.‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ لَا يَكُونُ فَائِيًا إِلَّا بِالْجِمَاعِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُؤَمِّلٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ الْفَيْءُ الْجِمَاعُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ الْفَيْءُ الْجِمَاعُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ صَاحِبٍ لَهُ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ‏:‏ الْفَيْءُ الْجِمَاعُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحُمَيْدِ بْنُ بَيَانَ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ‏:‏ كَانَ عَامِرٌ لَا يَرَى الْفَيْءَ إِلَّا الْجِمَاعَ‏.‏

حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ عَامِرٍ بِمَثَلِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ الْفَيْءُ الْجِمَاعُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّشَائِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ الْفَيْءُ الْجِمَاعُ، لَا عُذْرَ لَهُ إِلَّا أَنْ يُجَامِعَ وَإِنْ كَانَ فِي سَجْنٍ أَوْ سَفَرٍ- سَعِيدٌ الْقَائِلُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ لَا عُذْرَ لَهُ حَتَّى يَغْشَى‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّىُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ حَمَّادٍ وَإِيَاسٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ أَحَدَهُمَا‏:‏ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ‏:‏ الْفَيْءُ الْجِمَاعُ وَقَالَ الْآخَرُ‏:‏ عَنِ الشَّعْبِيِّ‏:‏ الْفَيْءُ الْجِمَاعُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ- فِي رَجُلٍ آلَى مِنَ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ شَغَلَهُ مَرَضٌ- قَالَ‏:‏ لَا عُذْرَ لَهُ حَتَّى يَغْشَى‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ- فِي الرَّجُلِ يُوَلِّي مِنَ امْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا أَوْ بَعْدَ مَا دَخَلَ بِهَا، فَيَعْرِضُ لَهُ عَارِضٌ يَحْبِسُهُ، أَوْ لَا يَجِدُ مَا يَسُوقُ‏:‏ أَنَّهُ إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، أَنَّهَا أَحَقُّ بِنَفْسِهَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَكَمِ وَالشَّعْبِيِّ قَالَا إِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَفِيءَ، فَلَا فَيْءَ إِلَّا الْجِمَاعِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ “ الْفَيْءُ “‏:‏ الْمُرَاجَعَةُ بِاللِّسَانِ أَوِ الْقَلْبِ فِي حَالِ الْعُذْرِ، وَفِي غَيْرِ حَالِ الْعُذْرِ الْجِمَاعُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِوَعِكْرِمَةَ أَنَّهُمَا قَالَا إِذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَأَشْهَدَ، فَذَاكَ لَهُ يَعْنِي فِي رَجُلٍ آلَى مِنَ امْرَأَتِهِ فَشَغَلَهُ مَرَضٌ أَوْ طَرِيقٌ، فَأَشْهَدَ عَلَى مُرَاجَعَةِ امْرَأَتِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ صَاحِبٍ لَهُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ‏:‏ تَذَاكَرْنَا أَنَا وَالنَّخَعِيُّ ذَاكَ، فَقَالَ النَّخَعِيُّ‏:‏ إِذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَأَشْهَدَ، فَقَدْ فَاءَ‏.‏ وَقُلْتُ أَنَا‏:‏ لَا عُذْرَ لَهُ حَتَّى يَغْشَى‏.‏ فَانْطَلَقْنَا إِلَى أَبِي وَائِلٍ فَقَالَ‏:‏ إِنِّي أَرْجُو إِذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَأَشْهَدَ، جَازَ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِقَالَ‏:‏ إِنْ آلَى، ثُمَّ مَرِضَ أَوْ سُجِنَ أَوْ سَافَرَ فَرَاجِعْ، فَإِنَّ لَهُ عُذْرًا أَلَّا يُجَامِعَ قَالَ‏:‏ وَسَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ- فِي النُّفَسَاءِ يُولِي مِنْهَا زَوْجُهَا- قَالَ‏:‏ هَذِهِ فِي مُحَارِبٍ، سُئِلَ عَنْهَا أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالُوا‏:‏ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ، وَأَشْهَدَ عَلَى الْفَيْءِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ‏:‏ نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ فَآلَى مِنَ امْرَأَتِهِ فَنَفَسَتْ، فَأَرَادَ أَنْ يَفِيءَ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَقْرَبَهَا مِنْ أَجْلِ نِفَاسِهَا، فَأَتَى عَلْقَمَةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ‏:‏ أَلَيْسَ قَدْ فِئْتَ بِقَلْبِكَ وَرَضِيتَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ بَلَى‏!‏ قَالَ‏:‏ فَقَدْ فِئْتُ‏!‏ هِيَ امْرَأَتُكَ‏!‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ‏:‏ أَنَّ رَجُلًا آلَى مِنَ امْرَأَتِهِ فَوَلَدَتْ قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، أَرَادَ الْفَيْئَةَ فَلَمْ يَسْتَطِعْ مِنْ أَجْلِ الدَّمِ حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَسَأَلَ عَنْهَا عَلْقَمَةَ بْنَ قَيْسٍ فَقَالَ‏:‏ أَلَيْسَ قَدْ رَاجَعَتْهَا فِي نَفْسِكَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ بَلَى‏!‏ قَالَ‏:‏ فَهِيَ امْرَأَتُكَ‏.‏

حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَامِرٌ عَنِ الْحَسَنِقَالَ‏:‏ إِذَا آلَى مِنَ امْرَأَتِهِ ثُمَّ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَغْشَاهَا مِنْ عُذْرٍ، قَالَ‏:‏ يُشْهِدُ أَنَّهُ قَدْ فَاءَ، وَهِيَ امْرَأَتُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا عِمْرَانُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَامِرٌ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بِمَثَلِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثِنِى أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ‏:‏ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةُ قَالَ‏:‏ إِذَا آلَى مِنَ امْرَأَتِهِ فَجُهِدَ أَنْ يَغْشَاهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَلَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى رَجْعَتِهَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍِ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِوَعِكْرِمَةَ‏:‏ أَنَّهُمَا سُئِلَا عَنْ رَجُلٍ آلَى مِنَ امْرَأَتِهِ، فَشَغَلَهُ أَمْرٌ، فَأَشْهَدَ عَلَى مُرَاجَعَةِ امْرَأَتِهِ، قَالَا إِذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَذَاكَ لَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَثْنَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا غُنْدُرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ‏:‏ انْطَلَقْتُ أَنَا وَإِبْرَاهِيمُ إِلَى أَبِي الشَّعْثَاءِ فَحَدَّثَ أَنَّ رَجُلًا مَنَّ بَنِي سَعْدِ بْنِ هَمَّامٍ آلَى مِنَ امْرَأَتِهِ فَنَفَسَتْ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَقْرَبَهَا، فَسَأَلَ الْأَسْوَدَ- أَوْ بَعْضَ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ- فَقَالَ‏:‏ إِذَا أَشْهَدَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا غُنْدُرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ إِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَأَشْهَدُ، فَذَلِكَ لَهُ- يَعْنِي الْمُولِي مِنَ امْرَأَتِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ عَلْقَمَةَ وَأَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ قَالُوا- فِي الرَّجُلِ إِذَا آلَى مِنَ امْرَأَتِهِ فَنُفِسَتْ- قَالُوا‏:‏ إِذَا أَشْهَدَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ حَمَّادٍ قَالَ‏:‏ إِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ ثُمَّ فَاءَ، فَلْيُشْهِدْ عَلَى فَيْئِهِ‏.‏ وَإِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ وَهُوَ فِي أَرْضٍ غَيْرِ الْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا امْرَأَتُهُ، فَلْيُشْهِدْ عَلَى فَيْئِهِ‏.‏ فَإِنْ أَشْهَدَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْزِيهِ مِنْ وُقُوعِهِ عَلَيْهَا، فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا، فَهِيَ امْرَأَتُهُ‏.‏ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا فَيْءَ إِلَّا فِي الْجِمَاعِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَفَاءَ وَأَشْهَدَ عَلَى فَيْئِهِ وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ‏:‏ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ‏:‏ أَنَّهُ إِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ‏:‏ فَإِنْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمَسَّهَا، أَوْ كَانَ مُسَافِرًا فَحُبِسَ، قَالَ‏:‏ فَإِذَا فَاءَ وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ، فَأَشْهَدُ عَلَى فَيْئِهِ قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَلَا نَرَاهُ إِلَّا قَدْ صَلَحَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ امْرَأَتَهُ، وَلَمْ يَذْهَبْ مِنْ طَلَاقِهَا شَيْءٌ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ- فِي رَجُلٍ يُوَلِّي مِنَ امْرَأَتِهِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا عَلَيْهِ إِلَّا تَطْلِيقَةٌ، فَيُرِيدُ أَنْ يَفِيءَ فِي آخِرِ ذَلِكَ وَهُوَ مَرِيضٌ أَوْ مُسَافِرٌ، أَوْ هِيَ مَرِيضَةٌ أَوْ طَامِثٌ أَوْ غَائِبَةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُبَلِّغَهَا، حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ- أَلَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ رُخْصَةٌ، أَنْ يَكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، إِنْ فَاءَ قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهَرِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ، بَعْدَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ، وَيُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَلِّغْهَا ذَلِكَ مِنْ فَيْئَتِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ فَاءَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا‏.‏

حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرَّبِيعِ قَالَ‏:‏ الْفَيْءُ الْجِمَاعُ‏.‏ فَإِنْ هُوَ لَمْ يَقْدِرُ عَلَى الْمُجَامَعَةِ وَكَانَتْ بِهِ عِلَّةُ مَرَضٍ أَوْ كَانَ غَائِبًا أَوْ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ شَيْءٌ لَهُ فِيهِ عُذْرٌ، فَفَاءَ بِلِسَانِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى الرِّضَا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ فَيْءٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ “ الْفَيْءُ “ الْمُرَاجَعَةُ بِاللِّسَانِ بِكُلِّ حَالٍ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مُخَلَّدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ وَحَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ الْفَيْءُ أَنْ يَفِيءَ بِلِسَانِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ زِيَادٍ الْأَعْلَمِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ‏:‏ الْفَيْءُ الْإِشْهَادُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ زِيَادٍ الْأَعْلَمِ عَنِ الْحَسَنِمِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قَلَابَةَ قَالَ‏:‏ إِنْ فَاءَ فِي نَفْسِهِ أَجْزَأَهُ، يَقُولُ‏:‏ قَدْ فَاءَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَثْنَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ قَالَ‏:‏ ذَكَرُوا الْإِيلَاءَ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ‏:‏ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ ذَكَرُهُ‏؟‏ إِذَا أَشْهَدَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْمُخْتَلِفُونَ فِي تَأْوِيلِ “ الْفَيْءِ “ عَلَى قَدْرِ اخْتِلَافِهِمْ فِيمَعْنَى الْيَمِينِ الَّتِي تَكُونُ “ إِيلَاءً“‏.‏

فَمَنْ كَانَ مِنْ قَوْلِهِ‏:‏ إِنَّ الرَّجُلَ لَا يَكُونُ مُولِيًا مِنَ امْرَأَتِهِ الْإِيلَاءَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ إِلَّا بِالْحَلِفِ عَلَيْهَا أَلَّا يُجَامِعَهَا، جَعَلَ الْفَيْءَ الرُّجُوعَ إِلَى فِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَلَّا يَفْعَلَهُ مِنْ جِمَاعِهَا، وَذَلِكَ الْجِمَاعُ فِي الْفَرْجِ إِذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَأَمْكَنَهُ وَإِذَا لَمْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ، فَإِحْدَاثَ النِّيَّةِ أَنْ يَفْعَلَهُ إِذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَأَمْكَنَهُوَإِبْدَاءُ مَا نَوَى مِنْ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ لِيَعْلَمَهُ الْمُسْلِمُونَ، فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ رَأَى أَنَّ الْفَيْءَ هُوَ الْجِمَاعُ دُونَ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَجْعَلِ الْعَائِقَ لَهُ عُذْرًا، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا مِنْ يَمِينِهِ غَيْرَ الرُّجُوعِ إِلَى مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ، وَهُوَ الْجِمَاعُ‏.‏

وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُولِيًا مِنْهَا بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ كَلَامِهَا، أَوْ عَلَى أَنْ يَسُوءَهَا أَوْ يَغِيظَهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَيْمَانِ، فَإِنَّ الْفَيْءَ عِنْدَهُ الرُّجُوعُ إِلَى تَرْكِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَهُ- مِمَّا فِيهِ مِنْ مُسَاءَتِهَا- بِالْعَزْمِ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْهُ، وَإِبْدَاءِ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ، فِي كُلِّ حَالِ عَزْمٍ فِيهَا عَلَى الْفَيْءِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا، قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ “ الْفَيْءُ هُوَ الْجِمَاعُ “، لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يَكُونُ مُولِيًا عِنْدَنَا مِنَ امْرَأَتِهِ إِلَّا بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ جِمَاعِهَا الْمُدَّةَ الَّتِي ذَكَرْنَا، لِلْعِلَلِ الَّتِي وَصَفْنَا قَبْلُ‏.‏ فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْإِيلَاءُ، فَالْفَيْءُ الَّذِي يُبْطِلُ حُكْمَ الْإِيلَاءِ عَنْهُ، لَا شَكَّ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ إِلَّا مَا كَانَ لِلَّذِي آلَى عَلَيْهِ خِلَافًا‏.‏ لِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ حُكْمَهُ إِنْ لَمْ يَفِئْ إِلَى مَا آلَى عَلَى تَرْكِهِ، الْحُكْمَ الَّذِي بَيَّنَهُ اللَّهُ لَهُمْ فِي كِتَابِهِ، كَانَ الْفَيْءُ إِلَى ذَلِكَ مَعْلُومٌ أَنَّهُ فِعْلُ مَا آلَى عَلَى تَرْكِهِ إِنْ أَطَاقَهُ، وَذَلِكَ هُوَ الْجِمَاعُ‏.‏ غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَيْءِ- الَّذِي هُوَ جِمَاعٌ- بِعُذْرٍ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ تَارِكًا جِمَاعَهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ‏.‏ لِأَنَّ الْمَرْءَ إِنَّمَا يَكُونُ تَارِكًا مَا لَهُ إِلَى فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ سَبِيلٌ‏.‏ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَى فِعْلِ أَمْرِ سَبِيلٌ، فَغَيْرُ كَائِنٍ تَرْكُهُ‏.‏

وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَإِحْدَاثُ الْعَزْمِ فِي نَفْسِهِ عَلَى جِمَاعِهَا، مُجَزِّئٌ عَنْهُ فِي حَالِ الْعُذْرِ، حَتَّى يَجِدَ السَّبِيلَ إِلَى جِمَاعِهَا‏.‏ وَإِنْ أَبْدَى ذَلِكَ بِلِسَانِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ بِالْأَوْبَةِ وَالْفَيْءِ، كَانَ أَعْجَبَ إِلَيَّ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏226‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏‏.‏

اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ‏.‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ “ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ “ لَكُمْ فِيمَا اجْتَرَمْتُمْ بِفَيْئِكُمْ إِلَيْهِنَّ، مِنْالْحِنْثِ فِي الْيَمِينِكَفَّارَةُ الْحِنْثِ فِي يَمِينِ الْإِيلَاءِ الَّتِي حَلَفْتُمْ عَلَيْهِنَّ بِاللَّهِ أَلَّا تَغْشَوْهُنُّ “ رَحِيمٌ “ بِكُمْ فِي تَخْفِيفِهِ عَنْكُمْ كَفَّارَةَ أَيْمَانِكُمُ الَّتِي حَلَفْتُمْ عَلَيْهِنَّ، ثُمَّ حَنَثْتُمْ فِيهِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ‏:‏ ‏{‏فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏، قَالَ‏:‏ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِقَالَ‏:‏ إِذَا فَاءَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ‏.‏

حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ كَانُوا يَرَوْنَ فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏‏:‏ أَنَّ كَفَّارَتَهُ فَيْؤُهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَهَذَا التَّأْوِيلُ الَّذِي ذَكَّرَنَا هُوَ التَّأْوِيلُ الْوَاجِبُ عَلَى قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ كُلَّ حَانِثٍ فِي يَمِينٍ هُوَ فِي الْمُقَامُ عَلَيْهَا حَرِجٌ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي حِنْثِهِ فِيهَا، وَأَنَّ كَفَّارَتَهُ الْحِنْثُ فِيهَا‏.‏

وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى الْحَانِثِ فِي كُلِّ يَمِينٍ حِلَفَ بِهَا ‏[‏كَفَّارَةٌ‏]‏ بَرًّا كَانَ الْحَنِثُ فِيهَا أَوْ غَيْرَ بَرٍّ، فَإِنَّ تَأْوِيلَهُ‏:‏ “ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ “ لِلْمُولِينَ مِنْ نِسَائِهِمْ فِيمَا حَنِثُوا فِيهِ مِنْ إِيلَائِهِمْ، فَإِنَّ فَاءُوا فَكَفَّرُوا أَيْمَانَهُمْ، بِمَا أَلْزَمَ اللَّهُ الْحَانِثِينَ فِي أَيْمَانِهِمْ مِنَ الْكَفَّارَةِ “ رَحِيمٌ “ بِهِمْ، بِإِسْقَاطِهِ عَنْهُمُ الْعُقُوبَةَ فِي الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ عَلَى ذَلِكَ، بِتَكْفِيرِهِ إِيَّاهُ بِمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْجَزَاءِ وَالْكَفَّارَةِ، وَبِمَا جَعَلَ لَهُمْ مِنَ الْمَهَلِ الْأَشْهَرَ الْأَرْبَعَةَ، فَلَمْ يَجْعَلْ فِيهَا لِلْمَرْأَةِ الَّتِي آلَى مِنْهَا زَوْجُهَا مَا جَعَلَ لَهَا بَعْدَ الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ، كَمَا‏:‏-

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حِبَّانُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏لِلَّذِينِ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ‏}‏- قَالَ‏:‏ وَتِلْكَ رَحْمَةُ اللَّهِ‏!‏ مَلَّكَهُ أَمْرَهَا الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهَرَ إِلَّا مِنْ مَعْذِرَةٍ‏.‏ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ‏:‏ ‏{‏وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ‏}‏ ‏[‏سُورَةَ النِّسَاءِ‏:‏ 34‏]‏‏.‏

ذِكْرُ بَعْضِ مَنْ قَالَ‏:‏ إِذَا فَاءَ الْمُولِي فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُحَكَمُ الْكَفَّارَةِ فِي الْإِيلَاءِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ‏}‏، وَهُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ لِامْرَأَتِهِ بِاللَّهِ لَا يَنْكِحُهَا، فَيَتَرَبَّصَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ هُوَ نَكَحَهَا كَفَّرَ يَمِينَهُ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَوْ كُسْوَتِهِمْ أَوْ تَحْرِيرِ رَقَبَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بِنَحْوِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ إِذَا آلَى فَغَشِيَهَا قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهَرِ، كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حِبَّانُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ- فِي النُّفَسَاءِ يُولِي مِنْهَا زَوْجُهَا- قَالَ‏:‏ هَذِهِ فِي مُحَارِبٍ، سُئِلَ عَنْهَا أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالُوا‏:‏ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى الْفَيْءِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ‏:‏ إِنْ فَاءَ فِيهَا كَفَّرَ يَمِينَهُ، وَهِيَ امْرَأَتُهُ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَثَّامٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي الْإِيلَاءِ قَالَ‏:‏ يُوقَفُ قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ، فَإِنْ رَاجَعَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَعَلَيْهِ يَمِينٌ‏:‏ يُكَفِّرُهَا إِذَا حَنِثَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَهَذَا التَّأْوِيلُ الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ، لِمَا قَدْ بَيَّنَّا مِنَ الْعِلَلِ فِي كِتَابِنَا ‏(‏كِتَابِ الْأَيْمَانِ‏)‏ مِنْ أَنَّ الْحِنْثَ مُوجَبُ الْكَفَّارَةِ فِي كُلِّ مَا ابْتُدِئَ فِيهِ الْحِنْثُ مِنَ الْأَيْمَانِ بَعْدَ الْحَلِفِ، عَلَى مَعْصِيَةٍ كَانَتِ الْيَمِينَ أَوْ عَلَى طَاعَةٍ‏.‏